آهات على فقدان والدي | هيثم فلاته
13 يناير 2017
2
124443
 
ينتابنا شعور حزين عندما نفقد أقرب الناس لنا .. وان مرت الأيام والشهور والسنين يظل ذكراهم مخلداً في مخيلتنا مهما تكالبت علينا الظروف !
 
ما أصعب كلمة ” الموت ” عندما نسمعها , ونود حينها أن يكون الخبر غير صحيح أو إشاعة وخصوصاً إذا فقدنا غالين علينا .
ما أصعب لحظات فراق  من تحب وتود ..
 
 
لقد رحل أبي في مثل هذا الأسبوع من العام الماضي,  وقد ترك بصمة الرجل العصامي في قلب كل من عرفه وتعامل معه .
كتبت مقالتي بحروف الاسى والحزن والالم  على فراقه ..
 
 
ومنذ أن تلقيت خبر وفاته أصبحت لا أدري ما افعل ؟
عشت أسوأ اللحظات وكنت شارد الذهن بين مكذب وبين مصدق  خبر وفاته رحمه الله !!
لازلت أتذكر هذا الخبر والذي نزل علي كنزول الصاعقة, ووجدت صعوبة كبيرة في تقبل الحقيقة لساعات ولأيام ولشهور ..
 
لطالما تمنيت أن يقوم أبي من وعكته الصحية, بعد سقوطه فجأة  أمام عتبة منزلنا وإصابته بغيبوبة جعلته طريح الفراش ولم تمهله وقتاً طويلاً الى أن جاء أجله للقاء ربه .
 
 
دموعي ودموع والدتي الحنونة واخواتي انهمر كسيلٌ جارف على رأس والدي لحظة وداعه .. تأملت مظهره وتمنيت أن يصحى من غفوته ولكن هذا قدر الله ومشيئته . ولا اعتراض لقضاء الله سبحانه وتعالى ..
 
لا أنسى ما حييت صدى صوته الهادئ ومواعظه ونصائحه المفيدة .. وكان عندما يصعب علي أي أمر أستعين بالله ثم بوالدي رحمه الله , فهو البلسم الشافي والصدر الحنون لي ولعائلتي في إسداء النصائح من واقع خبراته العريضة .
 

لا شك أن هذا اختبار من المولى القدير وبها يرى كيف صبر عبيده .. 

 
 
يا ليت الزّمان يعود، والّلقاء يبقى للأبد، ولكن مهما مضينا من سنين؛ سيبقى الموت هو الأنين، وستبقّى الذّكريات قاموساً تتردّد عليه لمسات الوداع والفراق.
 
 
فلا زالت يا أبي، بعد عام كامل، منظر جسدك المسجى على السرير الأبيض أمام عيني، وخبر وفاتك يطرق أذني وهاجساً في منامي … لن أنسى ذلك اليوم الحزين ولو شاب رأسي  .  
 
لقد رحلت يا والدي تاركا وراءك أنفسا انهكها الشوق والحنين لرؤيتك، وسماع صوتك وتنفس رائحتك والتمتع بعذب حديثك والنظر إلى وجهك، والتفاؤل بصالح دعائك، نصحك والنهل من فيض حكمتك.
 
 
زرعت فينا التواضع والاعتماد على النفس في قضاء الأمور .. علمتنا محبة الله والناس .. ها نحن وأُخوتي بلغنا مراحل التعليم المتقدمة , والفضل لله ثم لك ولوالدتي حفظها الله من كل سوء ..
 
فمشاهد الصلاة عليك وذلك الجمع الغفير من البشر الذي فاضت به مقبرة البقيع.. بشر لا أعرف كيف ملكتَ قلوبهم للحد الذي تفيض أعينهم من الدمع حزناً عليك وتسمو قلوبهم بدعوات لك..
حضر أعمامي وخوالي وأصدقاء طفولتك وجميع من يحبوك للمدينة لتوديعك, وعزاؤنا أنه سخر أوقاته في أعمال الخير وبناء المساجد ومساعدة المحتاجين ..
 
 
لم يترك فقيراً أو غنياً، صغيراً أو كبيراً، إلا وترك في ذاكرته طيب الذكر والأثر.. والذين رافقوك ألماً ودمعاً حتى دفنك.. عرفت حينها معادن الناس في تشييع جنازتك ..             
 
 
                                                  
 
وها أنا اليوم أقف عاجزا عن رد جميلك، نادما على   تقصيري معك في حياتك؛ فلا املك الآن شيئا لأصلك به سوى الدعاء ..                    
 
 
اللـهـم انه كان لكتابك تالي وسامع فشفع فيه القراّن وارحمه من النيران ,واجعله اللهم في الفردوس الأعلى في جنات النعيم .
 
 
اللـهـم ارزقه بكل حرف في القراّن حلاوة , وبكل كلمة كرامة وبكل اّية سعادة وبكل سورة سلامة وبكل جْزءٍ جَزاءً.
 
 
اللـهـم لا تحرمنا اجره ولا تفتنا بعده و اغفر لنا و له و اجمعنا معه في جنات النعيم يا رب العالمين .
 
                     
 
 
هيثم أحمد درويش فلاته – الدمام 
 

قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com