لفت نظري منشور قام بوضعه أحد الأصدقاء على صفحته على الفيسبوك، كُتِبَت فيه العبارة التالية؛ “تستفزهم المرأة و الموسيقى أكثر من الظلم الاجتماعي و الفساد الإداري” ليرد عليه أحد الجاهلين قائلًا؛ “بصراحة المرأة مستفزة”..!!
ماشاء الله.. ما هذه البطولة في تصريحاتك أيها الملقب بالرجل في مجتمعي..!! أنت و أمثالك من المتحذلقين، و ممن رغبوا أن يعتلوا منبر الجهالة بتصريحاتهم الفذة، لا يتبادر إلى ذهنكم أن المستفزة هذه هي أمك، ابنتك، أختك أو زوجتك..؟؟ فالجميع يتحدث عن نفسه و يخبرنا عن هويته و بيئته في المنزل، اهذا ما تعلمتوه..؟؟
قال تعالى في كتابه الكريم؛ “وَ قَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَ بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚإِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَ لَا تَنْهَرْهُمَا وَ قُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا”، هل تصريحاتك تلك من كريم القول..؟؟ تتكبد الأم ألم و مشقة لتنجب طفلًا تسهر الليل على تربيته و تقامر بأيامها حتى ينشأ طفلها في تربة صالحة ليكبر و يشد من أزرها، ناهيك عما يفعله بها هذا الطفل منذ أن كان في بطنها، بدايةً من سحب جميع مادة الكالسيوم من جسدها حتى تتكون عظامه و أسنانه، وصولًا إلى ألم العظام و معاناة الولادة، لتنجب ولدًا مثلك ناكر الجميل متعجرف يصرح تصريحًا مماثل.
و القول ينطبق على الإبنة التي تحمل اسمك، الأخت التي يهمها أمرك أو الزوجة التي تصبر على سوء معاملتك لقوله صلى الله عليه وسلم؛ “أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، و خياركم خيارهم لنسائهم”، وفي لفظ (وألطفهم بأهله). قبل ثلاث سنوات انتشر مقطع فيديو على تويتر لأحد البرامج على تويتر به بعض من أشباه الرجال يصرح أحدهم فيه دون خجل بأن من عنده إبنة عنده عار، و أن من تزوج ابنتك يجب عليك أن تعامله معاملة العبد للسيد لأنه خلصك من هذا العار، متناسياً قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها؛ “ما كان أحد من الرجال أحب إلى رسول اللّه من عليٍّ ولا من النساء أحب إليه من فاطمة».
تستفزكم المرأة، لكن لا يستفزكم ما يحدث لها من ضرب و اهانة على يد بعضكم، لا يستفزكم التحرش بها علنًا، لا يستفزكم التشهير بها و لا يستفزكم ما تتعرض له من مساومة على جمالها في بعض المنظمات..!! عجبت من أمركم يا أشباه الرجال.. نحن في الألفية الثانية، بيننا الكثير من المتعلمين و المثقفين، و مازالت هذه الفئة موجودة و البعض يصفق لهم بقوة، انتبهوا لما تلفظه ألسنتكم، فالرجولة في عصري الحالي أفعال و ليس شنب ينمو على وجهك و أقوال.
بقلم: غادة ناجي طنطاوي
This site is protected by wp-copyrightpro.com