أقسي الجروح | غادة طنطاوي
04 مارس 2018
1
120186

قال تعالى: “ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله ومالله بغافل عما تعملون”.

لنا رب، له تسع وتسعون إسم، منها الرحمان الرحيم، الحليم، اللطيف الخبير، الجبار، قابل التوبة غافر الذنب ..
تشمل رحمته عباده عندما يخطئوا، رحيمٌ بهم لو عن طريق الحق تاهوا و أعرضوا، غفورٌ لحوبهم لو أذنبوا، جباراً لكسرهم لو دعوه ..
ومع ذلك بعض البشر لديها قلوب أقسى من الحجارة !! سبحانك يا الله في خلقك لعبادك، فَطَرّْتَ القلوب على حب من أحسن إليها.
يدخل حياتنا البعض، يجعلوا الحياة أكثر بهجة، ويملؤوا أيامنا فرحة، كأنهم ملائكة من نور يبعثهم الله على هيئة بشر ينيروا العتمة في ليلك، يجبرونا على حبهم، فيسكنوا أول القلب، لحسن منطوقهم و مواقفهم النبيلة معنا.
والبعض الآخر، يبعثه الله دليل يرشدك ويعيدك لطريق الحق إن تاه منك، و تخلى الكل عنك، هؤلاء يتربعوا على عرش القلب لحسن أخلاقهم وعلو شأنهم.
وهناك آخرون متجبرون، قست قلوبهم فأصبحت كالحجارة أو أشد قسوة، لا نملك سوى أن نسكنهم في الجزء المهجور من القلب!!
هؤلاء أحببناهم بشدة فأوجعونا، جازيناهم بطيبنا حسناً فجرحونا، جعلناهم من أهم الأولويات لدينا فجحدونا، ولقسوتهم معنا، يسكنوا في آخر القلب، ليس نكراناً منا، بل لنحافظ على الجميل من ذكرياتنا معهم، أحياناً الذكريات الجميلة تجبر ما تركوا من جروحٍ غائرة في قلوبنا.
ما أقسى قلوبهم !! تجرحنا بكل تجبر وتمضي، غير مكترثة بقلوبنا الدامية، غير مبالية بجروحنا النازفة، أوكيفية شفاؤها، وما أقسى تلك الجروح حين تكون ممن إستوطنوا القلب وإستعمروا الذاكرة..
هناك قلوب تعجبنا فنحترمها، وهناك قلوب نحبها فنمتلكها، وشتان هو الفرق بين الحب والإعجاب، ومايترتب على ذلك.. هناك مقولة تنص على أن القلوب العاشقة، لا تكره ولا تجرح، وبالرغم من ذلك، جميع البصمات الجارحة التي حفرت قلوبنا، تحمل ختم تلك القلوب العاشقة!!
في عهد موسى عليه السلام، طغى قارون الذي ملك خزائن الأرض، فأطبق الله الأرض عليه ولم يبق غير رأسه، فأستنجد بموسى لينقذه، ولم ينقذه، فأنطبقت الأرض على قارون. عاتب الله موسى قائلا “ما أقسى قلبك، لو قال أنقذني يالله لأنقذته”.
سبحانك يالله ما أرحمك، ولكن لعبادك قلوب قاسية لا ترحم!!

بقلم : غادة طنطاوي
Ghadah.tantawi@gmail.com
Facebook/ ghada tantawi
Instagram / سنين الأماني
Twitter/ @ghadatantawi


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2025 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com