أمي آية.. هي المعجزة التي وهبني اياها الله عز وجل، و وضِع الجنة تحت أقدامها، و فتح لي أبواب الخير بدعائها، تعبت لتحتضنني بعد احتوائي تسعة أشهر، بعد ثِقل صاحبها أثناء الحمل، غير آبهة بما تركه الحمل من علاماتٍ مزعجةٍ على جسدها و ما رافقه من سهرٍ طويل، لم تشتكي يومًا و قابلت تعبي بكل حب .
هي زهرة حياتي، بابي المفتوح لرضى خالقي، طريقي الممهد إلى الجنة، رضاها تجارةً لن تبور، لا راحة لي في الدنيا دون ابتسامتها و لا جنةٌ في الآخرةِ عند غضبها. علمتني العطاء بأفعالها، علمتني أن لا أنتظر مقابل الإحسان من الغير مادمت قادرة على فعله، علمتني الصبر على الشدائد و شكر الله الغير مشروط بالنعم.
أمي آية.. لها أبث همي و حزني، و أول من أذكر عند فرحي، دعاؤها يهزّ السماء على الرّغم رقة صوتها و حنانها، سبب بهجتي في دنيتي و أماني بعد الله، غيابها مؤلمٌ و لا حياة لي دونها، هي القمر الذي أضاء دربي من العثرات، الحضن الدافئ في عز برد الشتاء، الطمأنينة في زحمة الشتات و ملاك الرحمة في الأزمات، يؤلمني تعبها، يكسرني حزنها، يرهقني خوفها، يؤرقني سهرها، حتى نسمة الهواء لا أريد أن تمسها، استودعها الله في بعدي فهو خير حافظ لها، تخاف علي من الحياة، و أنا أهاب الحياة دونها.. بدرٌ في دهمة ليلي منير، قلب على تحمل زلاتي كبير، تعب و هم من حمل همومي ضرير.. أمي آية
حافظوا على أمهاتكم فهم جنة الدنيا.. و تذكروا قوله تعالى
وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)
بقلم – غادة ناجي طنطاوي
This site is protected by wp-copyrightpro.com