جرت العادة أن كلمة كارثة ترتبط بالأحداث الطبيعية كالزلازل، البراكين، الفيضانات و الإعصار.. مؤخراً أصبحنا نستيقظ على نوع آخر من كوارث بفعل البشر. ففي كل يوم يتساقط شهداء آفة العنف في المجتمع العربي واحداً تلو الآخر، و يقف مجتمعنا مكتوف الأيدي تجاه الحوادث المتكررة، دون حل جذري يمنع الجريمة القادمة و دون توفير حماية لأفراده من الاحتراب الداخلي.
مع الأسف، قلما يخلو اسبوع من خبر كارثي مفاده قتل أحد الأصدقاء أو الأقارب لأسبابٍ قبلية متعصبة، أو جريمة عنف في مدرسة أو في مواقف سيارات ناتجة عن شجار لا يتعدى كونه شجاراً عادياً في بادئ الأمر. لم أدرس علم الجريمة حتى أنظر عن الأسباب، لكن في وجهة نظري الشخصية هناك خلل ديني واضح يتجلى في جهل المجتمع بالدين، لأنهم في غفلةٍ عن قول المصطفى صلى الله عليه وسلم؛
“كل المسلم على المسلم حرام دمه و ماله و عرضه” و لقد حذرنا صلوات الله عليه من هذه الظاهرة و أخبرنا انها من علامات آخر الزمان، و لكثرة الفتن و الشح و الهرج و المرج سيأتي على الناس زمان لا يدري القاتل لماذا يقتل و لا المقتول لماذا قتل.
في هذه الظاهرة كتب د. سامي نصر – دكتور في علم الإجتماع – عن سوسيولوجية الجرائم المنتشرة، أوضح فيها بأن للجريمة سببين رئيسيين، هما الأسرة و الإعلام،.
فالأسرة تمارس الاضطهاد و سوء المعاملة على بعض أفرادها لجهل الأبوين بمبادئ التربية الصحيحة.
و السبب الآخر هو الإعلام، لعلاقته المباشرة و الغير مباشرة على سلوك الفرد. و اعتبر التلفزيون هو مدرسة اعداد الجريمة، وان ٣٩% من أفراد المجتمع يستقون طرق القتل منه، فهو ينقل تفاصيل الجريمة و كيفية اخفاء معالمها، و بعض البرامج تصور المجرم على أنه شخص طيب تعرض للاضطهاد في صغره، مما يبرر دوافعه لارتكابها لاحقاً، انتشار العنف في المسلسلات، برامج الترفيه و الألعاب الإلكترونية، و الإيحاء غير المباشر بأن من يرتكب جريمة في أغلب الأحيان سيكون قادراً على الهروب من العقاب و تحمل المسؤولية.
ناهيك عن ضعف الوازع الديني في التربية، و إلقاء اللوم على أسباب واهية كضغط ظروف البيئة المحيطة، المعاناة، الكبت جراء الفجوات الإقتصادية و كساد سوق التجارة. و أنا سأضيف سبباً آخر، الا و هو غياب دور لجان المجتمع التوعوية في الإرشاد و التوجيه. ثم يأتي تراجع دور الأسرة كونها الوسيط بين الفرد و القيم الإيجابية في المجتمع و غيابها عن خلق الحصانة التربوية التي تقف حائلا بين الطفل و الانحراف مكملاً للكارثة.
نحن بحاجة إلى لجان مجتمعية، تنشر التوعية و تزيل اللثام عن بشاعة الجرائم، الشرطة لديها ما يكفيها من أمور تمس أمن الدولة و حماية حقوق الفرد، أما الجمعيات التربوية دورها أكثر تأثيراً، فهي قادرة على عقد ندوات توعوية تتواصل فيها مع الأفراد وجهاً لوجه، تقوم بعرض المشكلة، مناقشتها، توضيح تأثيرها على الفرد و المجتمع و حلها من الجذور.
بقلم: غادة ناجي طنطاوي
This site is protected by wp-copyrightpro.com