اترك مسافة
16 أكتوبر 2020
0
67914

أصبحنا نرى هذه الجملة في كل مكان بعد جائحة كورونا (لسلامتك اترك مسافة)

ونعلم أن التباعد الجسدي وترك المسافة هو أمر ضروري لعدم انتقال الفيروس والحفاظ على سلامة الجميع، وتم تحديد المسافة بمترين على الأقل حسب الدراسات العلمية.

ولكن ماذا عن المسافة النفسية والروحية بين الأشخاص وبعضهم البعض؟

عندما تتقارب الأرواح نبدأ في تجاهل المسافات، ونعطي كل شيء لمن يستحق ومن لا يستحق..

نثق ثقة عمياء..

نقدمهم على أنفسنا، وعلى حساب أيامنا وساعاتنا..

نتوقع منهم الكثير !

ونكاد نجزم أنهم لا يعرفون للأذى أو الخذلان طريقاً !!

ونقترب بالمسافة إلى حد الإندماج ونعتقد بأننا أصبحنا واحداً لا يتجزأ..

والحقيقة أننا لسنا واحداً بأي حال من الأحوال، وأن كل منا لديه افتراضاته وتوقعاته واحتياجاته وخيباته..

قد تأتي لحظة وتنتزع تلك الروح من الجسد الآخر إما بفقد أو بفراق أو بصدمة، وببدأ الألم، وتبدأ مرحلة الإنكار، ويثور الغضب، ويخيم الحزن والندم..

هل كانت المسافة أمراً واجباً من البداية؟

المسافة في المشاعر..

المسافة في الاحتياج..

المسافة في التوقعات..

أن لا يرتفع السقف أكثر مما يحتمل..

أن لا نذوب إلى حد الإنصهار فلا نعود نعرف حدودنا وحدود الآخر، ولا نكاد نستعيدها إلا بالطَّرق المؤلم للإنفصال، والذي غالبا ما يؤدي إلى التشويه !

فما كان منصهراً من الصعب أن يعود إلى سابق طبيعته مهما حاولنا..

فمن أجل سلامتك (دائماً) اترك مسافة!

 

د. ندا الزايدي

استشارية الطب النفسي


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com