وكما هي سُنة الله في هذا الكون يرحل عام ويأتي آخر
وتبدأ التهانيء بقدوم الأخير والعتب على الماضي فقد حَملنا من الأوجاع والخيبات الكثير والكثير .
ولكن مهلاً … ألم يصبح هذا موال نردده كل عام ؟
أتحدث عن نفسي ، ففي كل نهاية عام أبدأ بسرد أمنياتي للعام الجديد ولا أقصر في العتب على العام الماضي .
ولا أُبريء نفسي إذ أتقمص دور الحزن والضحية وما إلى ذلك لما تجرعته في عامي الماضي ، وأستهل الأمنيات والرجاء بالعوض في عامي الجديد .
لكن لم أفق من غيبوبتي إلا هذا العام فقد وجدت أني أعيش طقوساً أكررها كل عام ، وهذا ما جعلني أنظر لنفسي بسخرية وامتعاض .
مما أتذمر ؟! وماذا أرجو ؟! هل أتذمر مما زرعته يداي؟
وأتأمل شفاء أوجاع أنا من أزيد عمقها كل عام بغبائي ، نعم هذه الحقيقة ؛ فالعام هو أيام يمنحها الله لنا لنزرعها ونحصدها في الآخرة ، وجعل كل ما حولنا لخدمتنا ، فعندما نتجرع الألم والمرارة ونجني الخيبات في هذا العام ليس للأيام أي دخل في ذلك ، بل نحن السبب .
سوء اختيارنا لمن جعلناهم شركاء لنا في أيام هذا العام
، حسن النوايا التي غافلتنا عن حقيقة هؤلاء البشر فكلاً يرى الناس بعين طبعه ، الثقة المفرطة في من نعرفهم ، وفتح أبواب حياتنا ليدخلوا منها أنى شاءوا ، وحتماً النتيجة يعيثوا الفساد وينتهكوا معنى طمأنينية أرواحنا
، و عدم وضع استراتيجية للتفكير بشكل كافي لمخططات حياتنا خاصة المصيرية .
أسباب كثيرة نحن من نبنيها لتعرقل سعادة وراحة أنفسنا ؛ إذن عندما نريد أن نستقبل عام جديد بكل فرح وسعادة وجابراً لما مضى لابد أن نغير أسلوب اختيارنا لمن يشاركوننا حياتنا ، لمن يكونون جزء من تفاصيل هذا العام والذي يليه ، لابد أن نطمح في تغيير قلوبنا لنرى أفضل ، ونعشق أرواحنا فهي من تُسلم أن كل من أمامها ملاك يمشي على الارض .
لابد أن نستشعر نعم الله علينا في كل شيء جميل ،
في كل من يسعدنا ، من يسعى لراحتنا ، من يجعلنا نقول ونحن نهنيء بالعام الجديد ( كل عام وأنتِ معي ، كل عام و أنتِ سعادة أيامي) .
فلنترك مع العام الراحل كل من أوجعنا ، ولنبعد عن آفاقنا النقية كل من خيب آمالنا ، ولنمحو من صفحات مذكرتنا اليومية كل من شوه كل تفاصيل جميلة وعفوية كانت تحيط بنا ، ولندفن كل مشاعر حملت الزيف وتدثرت بالخيانة ، واستغلت نوايانا وبراءة قلوبنا ، ولنقدم على عام جديد بكل من يستحق أن يكون رفيقاً بأيام هذا العام ، جديراً أن يكون بسمة وسعادة كل ثواني العام الجديد .
اجعلوه نهاية أوجاع وشخصيات كالهباء المنثور
واستقبلوا أيامكم بكل سعادة مع من يجعلها سعادة فعليه تتجلى في الأفعال ، وتُكتب بين صفحات أيام عام تلو عام ، واعشقوا الفرح فليس هناك من يستحق أن يبني بداخل قلوبنا مكاناً للحزن فهذا بديهي لا يحبنا ،
فمن يحبنا يسعى لإسعادنا لا عكس ذلك ، ولا مبررات للأوجاع فكلنا ندرك ما نقدم عليه .
لن أقول لكم عام جديد بل قلوبٌ جديدة تستحق أن تكون هي معنى أيامكم ورفقاء لحياتكم .
د. وفاء ابوهادي المستشارة الاعلامية والكاتبة – رئيس مجلس الادارة
This site is protected by wp-copyrightpro.com