كم هو غريب عالم الإحساس، و كم هي عجيبة المشاعر، نبقى طوال حياتنا نناقش بموضوعية، نحلم بواقعية، نتحدث بعقلانية، حتى يظهر شخصٌ واحد، و تأتي كلمة من أربع حروف -أحبك- يقف عندها الزمن، تختفي الموضوعية، يصبح الواقع حلمًا جميلًا و تتلاشى عندها العقلانية.
تسير بنا عجلة الزمن، و تأتي صدفة تجمعنا، تلتقي فيها الأعين و تبدأ الحكاية.. تمر بنا الأيام دولًا، ننعم بالسعادة تارةً و يخيم علينا الحزن تارةً أخرى، و بين مدٍ و جزر، تنتهي القصة.. و لا يبقى لنا سوى رائحة عطر، لحن أغنية، بعض أبيات من الشعر و شريط ذكريات صاخب يحرمنا منام ليلة هادئة.
عجز المفكرون و العلماء عن تفسير هذه الظاهرة، كيف لذرات عطرٍ من الجماد أن تحيي بداخلك إحساسًا حي مضى عليه زمن..!! و كيف لأغنيةٍ نسمعها صدفة بدون موعد أن تنقلنا لوقت قد مضى..!! و هل من الممكن أن تكون بعض القصائد عنوانًا لأحداثٍ لا تُنسى..!! و لماذا نجتر ذكريات عهدٍ قد ولى لنعيشها أبداً..!! هنا تبدأ حكايةٌ أخرى.. حكاية القادم من الماضي بألمٍ في حاضرنا، عشوائية حروف متناثرة، كيف، متى و لماذا..!! أسئلة عديدة ليس من مصلحة العقل أن نجيب عليها، أبيات شعر لم تنظم، فناجين قهوة لم تقرأ، أنصاف طرق لم نمشيها و حب كبير تَخِّر قوانا له طائعة دون أدنى مقاومة.
في ليلةٍ كان القمر فيها بدرًا، التقته صدفة، و استحال الأمر عشقًا و في يوم نجومه ثكلى قرر الرحيل و رحل.. و عندما أزهرت سمائه عاد صبًا.. عبثًا حاول نسيانها و لم يفلح، هو يعود لأنه لا يرغب في الحياة بدونها و هي تهابه لأن ذكراه لديها خيرٌ و أبقى..
بقلم : غادة ناجي طنطاوي
This site is protected by wp-copyrightpro.com