اتفقا على الزواج وتقدم لخطبتها باقتناع تام كل واحد منهما يكمل الآخر ، وجد فيها الأنثى التي ستشبع كل متطلباته ورغباته ووجدت فيه الرجولة التي تتمناها كل انثى .
قامت الاسرتين بالالتزامات والتقاليد المتبعة لإتمام الزواج بكل حب ولم يقفوا حجر عثرة في طريق سعادتهما ، تزوجا وبعد عامين قررا ( الطلاق ) تغيرت وجهت نظرهما وأحاسيسهما ولم يعد ذلك الفتى الرجل ولم تعد تلك الانثى المثيرة ، لم يبنيا حياتهما مستندين على قوله تعالى : – ( وجعلنا بينهما مودة ورحمة ) كان زواجهما على اساس الاعجاب الشكلي ، اعتقدا أن بينهما توافق فكري وثقافي واجتماعي ومادي ونفسي وديني واخلاقي ، وكانت الصدمة بعد الزواج والعشرة ، اكتشفا عيوب بعضهما فلا يخلو بشر من العيوب ، فلم يتحملا وكان القرار السريع بالطلاق .
الزواج منحة إلاهية منذ خلق آدم وحواء عليهما السلام ، فعندما يأذن الله باجتماع شخصين من بيئتين مختلفتين يتم الاتفاق الإلهي مهما كانت الاختلافات والآراء ، لزرع بذرة جديدة تنتج ثمرات يانعة تنتفع بها الانسانية وتساعد على استمرارية الخلافة في الارض .
لم يقف الاهل حجر عثرة وكانت النتيجة ( الطلاق ) بدون اسباب واضحة ، سعت العائلتين للصلح ( فإن ابغض الحلال عند الله الطلاق ) واصلاح ذات البين لأنه اهم أسس المجتمع المسلم المترابط قال صلى الله عليه وسلم : – ” عليكم بإصلاح ذات البين فأن فساد ذات البين هي الحالقة ، قالوا يارسول هل تحلق الشعر قال : – لا ، بل تحلق الدين ” اي فساد ذات البين وعدم السعي للإصلاح بكل الوسائل تضعف الايمان وتزيله .
قديماً كان الاب والام يختارا شريكة الحياة لإبنيهما وكان والد الزوجة هو الذي يوافق على العريس ، ويتم الزواج وتستمر الحياة بينهما إلى الممات لأن الزواج يتم بعيدا عن الاعجاب يتم بعد التفكير العميق في مصير عائلة تتكون من ذرية بنات وبنين لهم حقوق وعليهم واجبات وتسعى العائلتين دائما للوفاق بينهما مهما كانت المشكلات ومهما كان التنافر بين الزوجين حتى لا يصلا ( للطلاق ) .
تفكك الاسرة وكثرة قضايا المحاكم في الطلاق او الخلع سببه عدم رجوع الزوجين لكبار الأهل من ذوي الخبرة وأصحاب الرأي السديد في حل مشكلاتهم ( فإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من اهله وحكما من أهلها إن يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما ) بل كل من الزوجين يستأثر برأيه ويتعصب له وينسى أن وراء تعصبه انهيار عائلة واحقاد وضغائن بين الاسرتين المتصاهرتين .
الزوجين المختلفين يفكرا فقط في نفسيهما كيف يتخلصا من بعضهما دون اعتبار لأي حق لمن حولهما حتى لو انجبا صغارا أو أصبحوا كبارا .
لم يفكرا في ألم الوالدين لأن سعادتهما تكمن في استقرار أبنائهم واحفادهم ذكورا وإناثا ، والأمر خطير لأن مأساة – الطلاق – لا تصيب الزوجين المطلقين فقط بل تمتد إلى ابعد من ذلك من جرح نفسية الأبناء وسوء تربيتهم وشتات حياتهم المستقبلية .
فمهلا مهلا للإعجاب و رويدا رويدا في أخذ اي قرار مصيري ينتج عنه سوء العاقبة وهدم بناء المجتمع المسلم الذي تمثله الاسرة القوية المترابطة ، هذا المجتمع الذي تأسس على يد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لبنة لبنة بكل أناة وتروي وسعة بال وصبر على المستحيل .
الزواج نعمة ومنة وفضل من الله لضبط شهوات الإنسان في الحلال ، أدرك السابقون من أجدادنا أهميته فيسروا أمره وشجعوا على تسهيله بعيدا عن الإعجاب بل على أساس ” من ترضون دينه وأمانته ” وعلى أساس ” اضفر بذات الدين تربت يداك ” فلا نتسابق لهدم المجتمع بالطلاق حتى لا يفرح ابليس وتحزن قلوب لا ذنب لها .
فالتمسك بالإصلاح والسعي لحل الخصومات أمر إسلامي يشيع الامن والاستقرار والحياة المتجددة في النفوس والعقول وبناء أسرة قوية لا تنهار أمام اي هدم او ريح بسيطة ترغب في زوالها ، وتظل الاسرة نواة المجتمع الصالح الذي تأسست على قوله تعالى ( وجعلنا بينهما مودة ورحمة ) .
الوكيلة / خديجة محسن
This site is protected by wp-copyrightpro.com