Latest News
الطلاق الصامت | أنور الأحمدي
27 نوفمبر 2016
0
221265

ما أن يتلاشى همس الشفاة، وتتراجع لغة الحب، وينعدم الحوار بين الزوجين، حتى تحل لعنة الطلاق العاطفي، تاركاً وراءه أسرة مضطربة عاطفياً، وفجوة تملأ قلوب الأبناء، لتستمر الحياة تحت مسمى “الطلاق الصامت”، والذي لا يقل خطره عن الطلاق المعلن، إن لم يكن هو الأسوء.

أجسادٌ منهكة، وقلوبٌ متعبة، وأرواحٌ محطمة، ومشاعرٌ ممزقة، وأحاسيس فقدت معنى الاحساس!

العش الدافئ ..! ازمهر يومه، والليل غاب قمره، والنهار حجبت شمسه؛ أجسادٌ بلا أرواح، وأرواحٌ في صورة أشباح، وحياة كئيبة رتيبة مملة باهتة المعاني، هذا ما يخلفه الطلاق الصامت، وهذه هي حياة الزوجان عندما يدب الخلاف المستمربينهما، ويغيب النقاش الهادئ أثناء الحوار، وينعدم الوعي في كيفية التعامل مع ضغوطات الحياة، ويتبع ذلك إهمال عاطفي ممنهج، وتجاهل تلبية احتياجات كل شريك للآخر.

يقول علماء الاجتماع بأن روتين الحياة اليومية يصيب الزوجين بالملل والفتور العاطفي، هذا إذا ما وضعنا بعين الاعتبار بعض السلوكيات الأخرى كالإفراط في الغيرة والشك، وغياب الزوج جسدياً أو ذهنياً عن العش الأسري، والاستخفاف والتحقير وتبادل الشتائم بين الزوجين، بالإضافة إلى اهمال الزوجة بأناقتها وزينتها، وانشغالها المفرط بالثانويات، أو انهاك الزوج مادياً بالكماليات، وسرد قائمة بالمشكلات، كل هذه الأسباب وغيرها تدفع الزوجين إلى الطلاق الصامت، ليصبح المنزل مكاناً للنوم والأكل وإشباع الغريزة الجسدية عند البعض.

يرى أحد المختصين اجتماعياً..! أن مفهوم الطلاق الصامت هو عبارة عن نوع من الجفاف العاطفي الذي يقود إلى الانفصال الوجداني والروحي التدريجي بين الزوجين؛ والسبب الذي يرجحه علماء الاجتماع والذي يدفع الزوجين للطلاق الصامت هو رغبة الزوجين للراحة الأبدية لكل منهما؛ فالتوتر والقلق والكتمان الناجم عن تبلد المشاعر والاحاسيس يؤدي لزيادة الرغبة في الانفصال، بالإضافة للمشاكل والخلافات المتكررة التي تلعب الدور الأكبر في حال لم يتم علاجها مبكراً.

ويرى كثير من الزوجات بأنهن الخاسر الأكبر من الطلاق العاطفي، وأنهن يصبحن كالمستولات اللاواتي يبحثن عن نظرة عاطفية في عيون أزواجهن، ولسان حالهن يقول “هناك وقفنا والشفاه صوامتٌ..كأن بنا عيّاً وليس بنا وجد”.

وحتى ننعم بحياة هادئة هانئة مطمئنة، وينشأ أبناء غير مكتئبين أو مضطربين نفسياً، علينا أن نعيد النظر في علاقاتنا الزوجية، فمن ما يعين ويساعد على الانسجام العاطفي، وذوبان ركام الجليد بين الزوجين، أن يهتما بجانب التثقيف والتوعية في هذا الجانب، كذلك الفصل بين ضغوط الحياة العملية وغيرها عن المشاعر والاحاسيس بين الزوجين، ومن الضروري أيضا كسر الرتابة والروتين العاطفي، والبحث عن طرق وسبل لإزالة حاجز الصمت، ومن المهم كذلك فتح قنوات الحوار الهادئ، وتغذية المشاعر بالكلمات العاطفية واللمسات الرومانسية التي تقضي على البرود العاطفي.

وتفيد بعض الدراسات بأن (50%) من حالات الطلاق الصامت أو العاطفي، تتطلب مساعدة وتدخل من مستشار مختص، شريطة أن يقدم الطرف الآخر بعض التنازلات لشريك حياته، وأن تكون لديه الرغبة في أن تعود الحياة الأسرية إلى الحياة الحميمية لتنشأ الأسرة نشأة مستقيمة، وتحفظ الأبناء من الانحراف الأخلاقي، وتوفر لهم حياة كريمة هانئة بعد أن فقدوه بسبب الطلاق الصامت.

 

أنور عبدالرحمن الأحمدي

 


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2025 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com