االماكروبيوتيك (الغذاء الصحي) كلمة يونانية مكونة من جزأين، ماكرو (macro ) بمعنى واسع أو طويل، وبايوس (bios )بمعنى الحياة، وإجمالا فهو يعني الحياة الواسعة أو الطويلة، وهذا العلم يعتمد على قواعد ونظريات وواقع وتطبيق عملي معروف، لدى فلاسفة هذا العلم وأساتذته ومدارسه، وأخصائييه عبر التاريخ، ونستطيع القول بأنه فن وعلم الصحة وطول العمر، من خلال دراسة وفهم العلاقة والتفاعل بيننا وبين الطعام الذي نأكله، وأسلوب الحياة الذي نختاره، والبيئة المحيطة التي نعيش فيها.
وللبيئة المحيطة بنا تأثير مستمر يمتد ليشمل الغذاء والتفاعلات الاجتماعية اليومية، وحتى النواحي المناخية والجغرافية فكلها عوامل تؤثر في حياتنا.
والغذاء الصحي هو طريق الصحة والاستشفاء من الأمراض بتعويد الجسم كي يكون أكثر توافقا وديناميكية مع البيئة الطبيعية، فنتعلم من خلاله كيف نختار ما نأكله ونشربه؟ وكيف نعيش حياتنا؟ والعوامل الرئيسية التي تؤثر في صحتنا، وتؤثر فينا، ومن ثم فإن الغذاء الصحي يشدد على أهمية العادات الغذائية الصحيحة وأسلوب الحياة الأمثل.
وأول من ابتكر هذا العلم هو أبقراط، الذي يعدّونه أبو الطب الغربي، وأعمدة هذا العلم في العصر الحديث هما الأستاذ أوشاوا (Georges Oshawa ) وهو الذي أحيا هذا العلم من جديد، وتلميذه النجيب الأستاذ كوشي (Michio Kushi ) ولقد طبع أوشاوا عدة أعمال في اليابان وانجلترا وفرنسا جمعت بين تقاليد الغذاء الصحي، والغربي مع خمسة آلاف عام من الطب الشرقي التقليدي.
وباستخدام قواعد الغذاء الصحي لتوجيه وضبط البيئة والغذاء وأسلوب الحياة، فإن آلاف الأشخاص ستطول حياتهم ((بإذن الله)) وذلك لشفائهم من أمراض عديدة مثل أمراض القلب والسرطان والسكر وغيرها.
وطريق الغذاء الصحي لاستعادة الصحة، ممكن أن يستخدم مع الطرق الطبية التقليدية، أو طرق العلاج الطبي البديل الأخرى، فالماكروبيوتيك متداخل ومتوافق مع كل أنواع الديانات والعادات والتقاليد والثقافات المتعددة.
وللإيضاح فإن بعض قواعد الغذاء الصحي تشمل أكل الحبوب الكاملة بصفة أساسية، والبقوليات والخضروات الطازجة والتوسع في اختيار أنواع الطعام، والطهي بالطرق التقليدية، والأكل بكميات قليلة والمضغ الزائد للطعام، والعيش بإيجابية ونشاط والمحافظة على الذهن في حالة صفاء.
ولقد أوضح الدكتور يوسف البدر القواعد العامة الغذائية الصحية وأسلوب الحياة المثالي وهي قواعد تحدد النسب الغذائية الأساسية وأسلوب الحياة، والعادات الصحية بشكل عام وحر، وليست في صورة رجيم خاص يجب اتباعه، ومن المطلوب إضافة بعض التعديلات للتطبيق الشخصي والذي يختلف باختلاف مكان المعيشة، فهو نظام تعليمي وليست نصائح طبية صالحة لجميع المرضى، ولا تأخذ مكان الاستشارات الطبية التشخيصية العلاجية.
فهذا الكتاب في الغذاء الصحي والذي يتألف من جزئين، الحالي ويتضمن التشخيص الذاتي للأمراض، والثاني لعلاجها بالغذاء، تحد قوي للطب، وقد ظهر في وقته تماما، ففي العقود القليلة الماضية قلت الثقة في الطب وخاص الأمريكي، أو ما يسمى بالطب الحديث، ففي طب الأطفال، هبطت الرضاعة الثديية من99% إلى 1% خلال عشر سنوات، على الرغم من تضاعف أعداد أخصائي الأطفال، وقد ساهم في ذلك انتشار العديد من الأمراض مثل:
الاعتلال المعوي والتهاب جلد الأطرافالتكزز بسبب نقص الكالسيومقصور الغدة الدرقية لدى المواليدالتهاب أغشية المخ البكتيريالتهاب معوي قولوني ناخرالوفيات المفاجئة في الرضع
ولا توجد هذه الأمراض في الأطفال الذين يرضعون طبيعيا.
هذا بالإضافة إلى زيادة معدلات الإصابة بالالتهاب المعوي والرئوي، والإكزيما، وحمى الدرس والربو، والسمنة، والضغط، وتصلب الشاريين، وقد أثبتت الدراسات العلمية دون استثناء ازدياد معدل الوفيات مع الرضاعة الصناعية.
فعلى أي أساس إذن يُخبَر الآباء والأمهات أن الرضاعة الصناعية، بديل مقبول للرضاعة الطبيعية؟ إن أطرافا عديدة وأسبابا متعددة هي السبب وراء انتشار هذه الأفكار، التي تؤدي إلى نهايات رهيبة، ويشمل ذلك الجشع والغباء والجهل، فلا يجب أبدا أن يقدم بعض أخصائيو الأطفال والممرضات والعاملين الاجتماعيين، هدايا مجانية من الحليب الصناعي مصحوبا من المتمرسين في الدعاية بكذبة حلوة وإغراء باستخدامه، بل يجب أن نخبر الأم بالحقيقة، وهي أن الرضاعة الصناعية تهدد حياة طفلها وصحته، وهذا سيشعرها بالذنب، حين ترضع طفلها صناعيا، إلا في الحالات التي يتعذر أو يستحيل فيها الرضاعة الطبيعية، مثل الأم التي أجري لها استئصال ثدي في الجانبين، هذه الأم مضطرة لذلك، ويجب أن تحصل على الدعم الكافي، أما إذا لم يكن هناك حاجة لذلك، فإن القاعدة العامة، هي أنه لا توجد أم لا تستطيع أن ترضع طبيعيا، وعند الابتعاد عن الرضاعة الصناعية، فإن كل الأمراض المعدية، وأمراض الحساسية، ومعدلات الوفيات المصاحبة للأمراض، ستختفي بدرجة كبيرة، وكذلك الأمر عند أخصائيي النساء والتوليد، حيث زادت هذه الأيام عمليات الإجهاض، والولادة القيصرية، وقَلَّت الولادة الطبيعية المنزلية، فالأم الصحيحة ترفض إلا عند الضرورة شق العجان، والمسكنات، والمحاليل والولادة تحت الأجهزة وتحفيز الولادة، والولادة دون ألم، ولذا سيقل عندها التلف الجسمي والأطفال المشوهون ((بإذن الله)).
أما الجراحة فينبغي أن تكون آخر ما يُلجأ إليه، فاللجوء للجراحة دون داع حقيقي يعد مأساة، وهناك عمليات شهيرة تجرى بكثرة ودون سبب علمي غالبا، مثل استئصال اللوزتين، واستئصال الرحم، واستئصال الأسهر Vasectomy (قطع القناة الدافقة).
كما أن هناك أشياء مشكوك في صحتها في علم النفس، مثل الجراحة النفسية
Psycho–surgery والصدمات الكهربائية والمهدئات. كما يجب الانتباه لمخاطر التطعيمات لمعالجة أمراض بسيطة، مثل التطعيم ضد إنفلونزا الخنازير، فهو لا يمنع المرض ولكنه يسبب مئات الحالات من الشلل والوفاة.
كما يجب تشجيع الفحص الذاتي للثدي، لأن بعض الأجهزة المستخدمة للكشف عن الأورام، تتسبب في حدوث أورام مثل جهاز الأشعة x ray mammography
وكذلك فإن من أسباب السرطان لدى النساء، الولادات القليلة، والرضاعة الصناعية، وحبوب منع الحمل، واستخدام الهرمونات بعد توقف الحيض.
كذلك فإن الأشعة الصدرية الروتينية، التي تجري على نطاق واسع، تعرض الجسم لإشعاعات ممكن أن تؤدي إلى ابيضاض الدم ((اللوكيميا Leukemia )) وأورام الغدة الدرقية وغيرها.
كما أن البنسلين الذي يوصف في الطب الحديث لعلاج التهاب أغشية المخ Meningitis والالتهاب الرئوي Pneumoniaسيصبح غير ذي جدوى حيث يكتب لعلاج البرد، والكورتيزون الذي يعالج مرض أديسون، سيصبح غير ذي فائدة، حين يوصف لعلاج الحروق الشمسية.
ومن هنا فإن كثيرا من مسلمات الطب الحديث، ينبغي إعادة النظر فيها، والطريق لذلك هو الغذاء الصحي، الذي يحتاج قبل الحكم عليه أن يتعرض لاختبار حقيقي من قبل الأطباء والمرضى، الذين يجهلون ليس فقط محتوياته، بل حتى مجرد معرفة ما هي طريقته في الحياة؟
وهذا الكتاب مفتاح حيوي للحياة والصحة الجيدة، وأنه له تأثرا عميقا على مستقبل الأمم، ويستحق بجدارة أن يعطيه كل إنسان الأهمية.
ويجب أن ننبه إلى أنه ليس هناك نظام طبي ثابت نستطيع الاعتماد عليه دائما وبخاصة الوسائل الدعائية التلفزيونية كما يحدث للأسبرين ونقط الأنف… إلخ. فالطب لا يمكن جعله قياسيا، بل يجب أن يفصل ليناسب الاختلافات الفردية، وأنت وحدك تستطيع عمل ذلك لنفسك ولأسرتك، والعلاج من الأمراض بتطلب خبرة ضخمة، ولكن إذا أخذت المسئولية الكاملة لعمل ذلك لنفسك فتفاجأ بالطرق البسيطة التي سوف تكتشفها لحل مشاكلك، وأهم نقاط التحرر أن لا نعتمد على غيران لنصبح في صحة جيدة، بل يجب أن نأخذ المسئولية كاملة عن صحتنا، لأن ذلك سيجعلنا نكتشف الطريق الصحيح للشفاء، ونجتاز أوقات المرض بنجاح عندما نمرض أو يمرض أطفالنا، كما أننا نتاج للاحتياط لأنفسنا، قبل ظهور أعراض المرض، وذلك بالمحافظة على حالة الجسم لأن حالة الجسم غير المتوازنة تمكن المرض من الجسم، وتضطرنا لأخذ علاجات خاصة، ولكن مع التوازن الصحي بالتغذية الصحيحة ومراقبة حالتنا وحالة أسرتنا يوما بعد يوم، سنحافظ على صحتنا ومن الأمراض من الظهور والتطور، والمطلوب فقط المتابعة بعناية وليس القلق والجزع، والكتاب لن يخبرك عن كل شيء تحتاج أن تعرفه عن العناية بالأمراض ولكنه يحوي على معلومات كثيرة، وطرق علاج اختبرتها عبر ربع قرن من الحياة بالغذاء الصحي، وأستطيع أن أقول باطمئنان أنه أساس للدراسة والتطبيق العلاجي، ومع ذلك فإنه دون متابعتنا ومشاهدتنا، والعناية بحالتنا في مختلف الأوقات، فإن هذه المعلومات العامة لن تكون ذات جدوى، ويجب أن تشارك بشكل كامل وفهم لحالة الشخص وعاداته، ولذا لا يجب الاعتماد على هذه المعلومات فقط، بل الأهم هو كيف نستخدمها، وفي رأيي أن هذا الكتاب حجر الزاوية الذي يساعدك لفهم أعمق لحياتك.
وآمل أن تستخدم هذه المعلومات لمساعدتك في صحتك وسعادتك في حياتك الخاصة ومساعدة الآخرين لعمل نفس الشيء.
المحتويات
الجهاز الهضمي
فيزيولوجيا الهضم
مقاربة الماكروبيوتيك للأمراض الهضمية
الديدان
أمراض المعدة
أمراض الكبد والحويصلة الصفراوية
الأمراض المعوية
ملحق تأثير السكر
الجهاز التنفسي
مقاربة الماكروبيوتيك لأمراض الجهاز التنفسي
النفاخ
المخاط الرئوي
داء الربو
الالتهاب القصبي والالتهاب الرئوي
السل
الشاهوق
حمى الكلأ
ذات الجنب
ملحق الصوت
جهاز دوران الدم والجهاز اللمفاوي
كريات الدم الحمراء
الكريات البيضاء
مقاربة الماكروبيوتيك لأمراض الدم
ابيضاض الدم
فقر الدم
الناعور
التنافر الريصي
الحماض والقلاء
جهاز دوران الدم
مقاربة الماكروبيوتيك للأمراض القلبية الوعائية
تصلب الشرايين
السكتة
ضغط الدم غير الطبيعي
توسع الجدار الشرياني
تقطع الشعيرات
تصلب الشرايين
الجهاز اللمفاوي
مقاربة الماكروبيوتيك لأمراض الجهاز اللمفاوي
بقلم : دكتور هشام محمد علي
مدير وصاحب توب هلثي اكاديمي
This site is protected by wp-copyrightpro.com