رداً على مقال أستاذي الرائع (ضيف الله الغامدي)
ما هو تعريف الثقافة ؟
هل تقاس بمقدار ما يقرأه الفرد من كتب؟؟ أم بمقدار ما يحفظ من معلومات ؟
قادني السؤال إلى تحليل مفهوم الثقافة بناءً على عدة محاور مختلفة، البيئة المحيطة بالشخص و المجتمع مع الأخذ بعين الإعتبار المفارقات الفردية التي تميز أحدنا عن الآخر، فوجدت أن ثقافات الشعوب تتباين بإختلاف حضاراتها و فكر أفرادها، لكنها في مجمل الأمر تصب في وعاء واحد يُحَفِزِ اللّقاء بينها بسبب إختلافها.
فالثقافة إذاً ليست حصيلة من المعلومات البسيطة الجاهزة يحصل عليها المجتمع و يستوعبها في زمن قصير، بل معدل تراكمي طويل المدى انتقل عبر الزمن، توارثته أجيال أَوْلَتْ إهتماماً لعراقة ماضيها الأصيل و سَعَتْ للحفاظ على القَيِّم من حاضرها، جاهدة قدر الإمكان لتجنب التفاهة و الأمور السطحية وهي مدركة تماماً بأن الزمن لا ينتظر أحداً.
الشاهد هنا دون أن أكون متشائمة ولا مفرطة في التفاؤل.. إذا كان الجيل الجديد هو السبب الأساسي في الحراك الثقافي و الإرتقاء بمستوى الشعوب فهل الجيل الناشىء لدينا يملك من الوعي دراية بأهمية التخطيط لمستقبل واعد برؤية ٢٠٣٠؟؟
مع الأسف نظرتي على أرض واقع هذا الجيل غير مُطَمْئِنَة !!أراه غارقاً في بحر توافه الأمور، حريص على متابعة أخبار الحمقى و المغفلين ولا يجيد سوى ثقافة كرة القدم !! لا يملك من المعرفة إلا القليل من مقررات مدرسية، بات أكثرها أضعف من ذي قبل، لا يعرف أسماء ملوكٍ تولوا حكم هذه البلاد تسلسلاً، لكنه يحفظ عن ظهر قلب ترتيب أندية الدوري الإسباني!!
على الصعيد الآخر أجد مجتمعاً غير آبه للمشهد الثقافي الذي ظهر في الساحة مؤخراً.. لا أرى فعاليات تعنى بالثقافة و التوعية و إن كانت هناك فإنها تقدم بطريقة منفرة، إما ورشة عمل أو محاضرة تقليدية مملة !! حتى الرسوم المتحركة للأطفال مشبعة بالعنف.
لم أعد أشاهد برنامج يشبه (المناهل)، لماذا أوقفوا حلقات (إفتح يا سمسم)، أين برنامج (سلامتك).. حتى الرسوم المتحركة (حكايات عالمية)، ( اسألوا لبيبة)،
(فلونة عن رواية روبنسون كروزو) ؟؟؟ اختفت جميعها و استبدلت بمن يبيع ثقافة العنف و الجنس الرخيص. و إذا لم نتخلص من هذا الكابوس سريعاً سيكون المشهد القادم كارثة لا تحمد عقباها، فلنستعد إذاً لجيل لا يملك من المعرفة و الثقافة ما يكفيه لتحمل المسؤولية، غير قادر على تولي المهام التي ستناط به مستقبلاً.
مع الأخذ بعين الإعتبار أن معضلة الجهل الذي ينعم به هذا الجيل ماهي إلا نتيجة غفلة الجهات المسؤولة -البيت، المدرسة، الجامعة، الإعلام و الصحافة- عن احتياجهم الحقيقي.
و سندرك متأخراً بأنا أسرفنا في توفير كلِّ أسباب الرخاء والترف لهم حدَّ السرف و البطر، عوضاً عن الإهتمام بجانب المعرفة و الثقافة الذي من شأنه أن يقود أجيالاً إلى بناء نهضة هذه البلاد، والإسهام في تطور فكرها وحضارتها حتى يكتمل حلم رؤية ٢٠٣٠ الواعد.. فلتستيقظوا من سباتكم يا جيل كرة القدم !!
بقلم: غادة ناجي طنطاوي
This site is protected by wp-copyrightpro.com