القرار
02 فبراير 2021
0
54252

 

لم أكن أعلم أن شرب القهوة يحتاج إلى كمٍ هائل من أخذ القرارات ثم تحمل تبعاتها..

طلبت القهوة، وبدأ ينهال سيل الأسئلة، جاءت الأسئلة السهلة في البداية، سألني عن إسمي، وما إن كنت أريدها ساخنة أم باردة؟ وعن حجم الكوب؟

ثم بدأت الأسئلة في الصعوبة، عن نوع القهوة والأسماء الغريبة التي لا أفهمها!

فقررت أن أختار الإسم الأول واعتقدت أن المهمة الشاقة قد انتهت. فباغتني بسؤال كم ضخة؟! أجبت واحدة وأنا لا أعرف إن كانت هي الإجابة النموذجية أم لا.

ثم بدأ يسأل عن الحليب واكتشفت أن قرارات الحليب ليست كما كنت أعلم، من حيث كمال الدسم أو خلوُه. بل أن هناك حليب لا تنتجه الأبقار اصلا!

ثم سألني عن الرغوة؟! لم أكن متأكدة من أهمية السؤال أصلا!

ثم جاء اختيار السكر، وكانت له أيضا ألوان وأنواع فهمت بعضها فقط، وعندما انتهيت من الدفع نظرت خلفي فإذا بطابور طويل ينتظر هذا الكم الهائل من الأسئلة، وأخذ العديد من القرارات التي ستحدد مصير القهوة!

جلست في السيارة والكوب في يدي وعليه كتابات كثيرة تحذرني من حرارتها، وإنني على تمام الوعي بأن القهوة ساخنة وأنها لو سكبت علي لا يحق لي أن أتذمر أو أشكو الشركة!

تنفست الصعداء وأحسست بأني انتهيت للتو من مهمة شاقة وآن لي أن أستمتع بقهوتي.. رفعت الكوب فوجدت إسمي مكتوبا على أعلى الكوب، تبسمت.. ورفعت بفخر كوب الإنجاز الذي صنعته! فهو موقع باسمي، ياللعبث! وكأني صنعت سفينة فضائية.. وسخرت من نفسي ومن القهوة ومن الطابور ومن كل الطقوس التي جعلت تناول كوب من القهوة مهمة شاقة!

ضحكت مني صديقتي وأنا أحكي لها، وقالت هذا هو الترند .. وتعجبت!

وقررت أن اشرب الشاي في المرة المقبلة، فنصحتني أن لا أفعل فالمهمة قد تكون أصعب بكثير!

 

د. ندا الزايدي

استشارية الطب النفسي


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com