المتنمر | د. نادية بخش
30 أكتوبر 2016
0
107811

 

التنمر هو شكل من أشكال الإساءة والإيذاء وقد يكون جسدي أو نفسي .وقد يكون أيضا بأساليب متباينة كالتلاعب وإطلاق (نكت تهكمية ساخرة ) تتطرق بشكل غيرمباشر الضحية …. وغالبا مايملك المتنمر قوة بدنية أو إجتماعية وهيمنة وحضور وأقران . ..

وسأركز في حديثي على مايحدث في المدارس ,يسبب التنمر في تمنع الصغار( الضحايا) وتمردهم من الذهاب إلى المدرسة  فوجود مثل هذه الفئة التي أسميها ( أشباه أطفال) لأنه و في نظري الأطفال المتنمرون ليسوا من البراءة والدعة والطفولة في شيء, يشكل ضغطا عليهم.                                                      

وبالرغم من ثقتي المتواضعة أنهم أيضا ضحايا أولياء أمورهم وقد يكون المتنمر قديما ضحية لأحد المتنمرين فأصبح رد فعلي عنده ,  وقد يكون نتاج بيئتهم المفتقرة إلى التوازن أو الردع المناسب في مثل هذه الظروف وقد تكون أيضا ناشئة عن غضب مما يحدث داخلهم ولايحسنون تغير مايرونه فيمررنه كقذائف نارية بلغة الإسقاط على الأضعف نتاج عنف أسري أو إجتماعي …. ويبقى التلقين والتقليد والأسوة السيئة من المجتمع بداية بالمنزل يمثل أيضا طريق الهاوية ….. حينما تغيب الرقابة تماما أو تشتد إلى مالا يحسن عقباه ….وأيضا من فرط الإنشغال بالألعاب الإلكترونية العنيفة والأفلام (الأكشن) الدرامية القتالية …..  

يحدث التنمر في كافة أنحاء المدرسة ولكن يكثر في قاعات التربية البدنية أو الإستراحة أو المداخل أو الحمامات على وجه الخصوص وأيضا في حافلات المدرسة ….ويمكن أيضا أن يكون التنمر من المعلمين ونظام المدرسة نفسها بالإساءة أو الإهانة أو الضرب والشتم.

كل ماسبق يؤثر سلبا على الطفل .. قد ينتهي به الأمر إلى الإنعزال الشديد أو اللجوء إلى التدخين أو المخدرات لتخدير مشاعره ويصبح الضحية عرضة لخطر حدوث مشاكل بعيدة المدى وقد يصل به الإكتئاب أقصى مايكون فيفكر بلإنتحار أو يصاب بأمراض الذهان العصبي …

وفي مثل هذه الحالات ينقسم تفاعل الأطفال إلى ثلاث لارابع لهم ……….

فإما يزداد الطفل الضحية إنغلاقا وخجلا وتأتأة وضمور …. في الشخصية طبعا

أو يحاربه و يتفنن في البحث عن الردود المناسبة بوابل من الشتائم التي يلتقطها من هنا أو هناك وربما أستخدم أسلوب المتنمر للرد عليه وهذه طامة أخرى لأنه بذلك يسمح للعدد بالتزايد…
أما النوع الأخير وهم القلة القليلة ممن يتمتعون بأولياء أمورأصحاء فكريا وتربويا و المتميزون في أساليب التعليم والتربية والنشأة السليمة فهم يفقهون أطفالهم  للتغاضي والرد فقط حينما تتناسب العقول والبنية والحرص الأول والأخير على سلامة الجسد والنفس … ومبدأ ( كبر رسك وطنشه) . وزراعة الأفكار القيادية بأنك تكسب حبك لذاتك بالترفع عن هذه الصغائر وأن الله سيأخذ حقك لأن العدل أساس الوجود . فيصل الطفل وينشأ على قناعة حقيقية أنه في توازن نفسي سليم فلا يضره ولا ينقص منه.

بالنسبة للمتفرجين , وهم شهود أعمال التنمر من الطلاب والأباء والمعلمين فهم ليس شهود سلبيين, إذ أنهم يلعبون دورا نشطا فعالا حتى وإن لم يكن مباشرا , في تشجيع التنمر من عدمه ….

تحدثت صديقتي عن إبنها الذي يستخدم حافلة المدرسة . بتعرضه للمضايقات والإستهزاء العنيف لأنه يلبس نظارات فيلقبونه بأبشبع الأسماء الكرتونية والساخرة ويتقاذفون نظارته الطبية من متنمر لأخر ويعود الطفل حزينا باكيا يوميا …. شكت صديقتي الأمر إلى المدرسة والإدارة ثم ذهبت إليهم لمتابعة الأمر ثم المسؤول عن الحافلات ولم تجد شكواها مجيبا أو أصداء  , وزاد الطفل المتنمر سوء لأنه (من أمن العقاب ساء الأدب) …. وأنتهي الأمر بصديقتي وسميتي .. إنتظارها لموعد الحافلة ثم صعودها إليه مع إبنها وتوجهها إلى المتنمر وأخته وتهديدهما بالعدوان والعقاب الشديد .وزيارة مخيفة للمنزل لحل الأزمة وهددته أنها ستجرح عينيه حتى يلبس نظارة مثل ولدها !!!!

نعم قد لا أوافقها البتة على طريقتها وكلي ثقة بوجود طرق أفضل لحل التنمر ولكن هل من طريقة أخرى أستطيع إقناعها بإتخاذها مع تكرار المشهد اليومي وبكاء الطفل من الذهاب للمدرسة !!!

.. وتشهد صديقتي بتحسن شديد يكاد يكون كالمعجزة في سلوك المتنمر في الحافلة …. والمضحك والمؤلم معا هو تواصل إدارة المدرسة تستنكر فعلتها و تطالبها بالإعتذار لأهل المتنمر( مابيصير هيك يامدام )  …………..

 (فض فوك ) سيدتي أين كنت سابقا في علاج سلوك المتنمر …

سبحان الله كيف تنقلب الموازين أيخطأ المجرم وأعتذر له في غياب الحاكم والعدالة  !!!!  

فهل نعاود النظر فيما أستودعنا الله ….. ؟ وهل نعيد ترميم ماأخطأنا بناءه أول الأمر ؟؟

الأمر يستحق ذلك حقا  …….

 

 

بقلم : د. نادية بخش

nibakhsh@hotmail.com

.


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com