سلسلة مقالات مواجهة الفكر المتطرف
حقيقة جديرة بالذكر نطرحها لأهميتها ” التطرف المهدد للإنسانية لا يرتبط حصراً بدين معين ” فالمنتمين لليمين المتطرف في أمريكا و أوربا يمثل خطراً جسيماً، فنراه يرتكب جرائمه الوحشية، وتابع العالم في الآونة الأخيرة العديد من تلك الجرائم التي ارتكبها هؤلاء، ونشير لجانب منها :
أندرس بريفك، 32 سنة، مسيحي ويميني متطرف نرويجي، قتل في 2011 (75) شخصاً وجرح (342) آخرين في أوسلو بتفجير قنبلة واستخدام أسلحة رصاص
ديلان روف، أمريكي عنصري، 21 عاما، دخل كنيسة بمدينة شارلستون بساوث كارولينا، 17 يونيو 2015 ؛ وقتل تسعة من السود، وحكم عليه بالإعدام.
دارين أوزبورن، بريطاني يميني، دهس مصلين خارج مسجد بشمال لندن، يونيو
2017 فقتل شخصاً وأصاب 12 آخرين، وقضت المحكمة بالسجن مدى الحياة
لوكا ترينى، مسلح إيطالي أطلق النار في فبراير2018 على مهاجرين أفارقة، 28عاماً، ينتمي لحزب ” رابطة الشمال ” اليميني المتطرف
نيكولاوس كروز، يميني متطرف، 19 سنة، قتل 17 شخصاً في هجوم بالرصاص على مدرسة بفلوريدا بالولايات المتحدة في 14 فبراير 2018
كل هؤلاء الإرهابيين ينتمون لليمين المتطرف في أوربا وأمريكا.. وإن اختلفت أيديولوجيتهم مقارنة بفكر التنظيمات التكفيرية المنتمية أسفاً للإسلام، إلا أن منهجية العنف تجمعهم.. ومشاعر الكراهية متأصلة في نفوسهم. وجدير بالذكر أنه أثناء كتابة سطور هذا المقال تابعنا من خلال وسائل الإعلام العالمية تصريح مارك رولي، المفوض المساعد بالشرطة البريطانية (سكوتلاند يارد) الذي أشار إلى أن التهديدات الإرهابية لليمين المتطرف ” منظمة وخطيرة ” في كلمة ألقاها يوم الاثنين 26 فبراير الجاري أمام مركز بحثي، وأوضح رولي أن الطريقة التي ينمو بها الإرهاب اليميني المتطرف والإرهاب الإسلامي والتي يتغذى بها بعضهما على بعض ” مثيرة للقلق “.
وهنا يجب التمييز بين هؤلاء الإرهابيين المنتمين لليمين المتطرف في أوربا؛ والأحزاب اليمينية التي تمارس الحياة السياسة بشكل مشروع، وهم أي الأحزاب اليمينية لا تفرض أفكارها بالقوة على الجمهور، كما هو الحال بالنسبة للتكفيريين كالمنتمين لتنظيمات كداعش والقاعدة؛ وهكذا بالنسبة لعناصر منظمة ” كوكلوكس كلان ” التي تؤمن بتفوق العنصر الأبيض؛ ومنظمة “كهنوت فينياس” وأهدافها مزدوجة عرقية ودينية، فأعضاءها يرغبون في أمة مسيحية مكونة فقط من أصحاب البشرة البيضاء، فالتنظيمات الأخيرة تتخذ من العنف منهجية وترتكب جرائم إرهابية؛ أما الأحزاب اليمينية المتطرفة فأفكارهم وإن اتسمت بعدم قبول الآخر وتمسكهم بمعاداة المهاجرين، إلا أنهم يطرحونها باعتبارها نابعة من مصلحة وطنية مشروعة، ولقد تنامت في السنوات الأخيرة شعبية هذه الأحزاب؛ فحـزب ” الجبهة الوطنية ” الفرنسي بقيادة مارين لوبان، المرشحة الرئاسية السابقة التي خاضت الانتخابات الفرنسية الأخيرة ووصلت للتصفية النهائية مع ماكرون حاصدة 33.9% من أصوات الناخبين الفرنسيين.. هي أيضاً عضو في البرلمان الأوربي؛
مارين لوبان رئيسة حزب الجبهة الوطنية الفرنسي
جان ماري لوبان، مؤسس حزب الجبهة الوطنية
قال في مقابلة إذاعية هذا الأسبوع : كنت سأمارس التعذيب في الجزائر ” دون شك ” لو طلب مني ذلك
وفي ألمانيا تعزز موقع حزب ” البديل من أجل ألمانيا ” اليميني، الذي احتل في إنجاز يعتبر تاريخياً، المركز الثالث في انتخابات البرلمان الألماني الماضية وحصل على نسبة 12.6% من الأصوات؛ وفي تطور آخر في هذا السياق، وافق الرئيس النمساوي على ائتلاف حكومي بين حزب الشعب المحافظ، الذي فاز في الانتخابات التشريعية التي أجريت في أكتوبر الماضي، وحزب الحرية اليميني المتشدد، الذي احتل المركز الثالث في الانتخابات البرلمانية بالنمسا حاصداً 26% من أصوات الناخبين ـــ وبهذا أصبح سباستيان كورز زعيم حزب الشعب والبالغ من العمر 31 عاماً، أصغر رئيس حكومة في العالم.. نعم الأحزاب اليمينية المتطرفة تتنامى في أوربا.. فهل هذا الأمر يعد بمثابة رد فعل لظهور وانتشار التشدد الإسلامي بقوة على ساحة الإرهاب العالمي ؟
هذا وفي اجتماع للأحزاب الأوروبية اليمينية المتحالفة عقدوه في ديسمبر 2017 تحت شعار ” من أجل أوروبا للأمم صاحبة السيادة ” بحثوا تفكيك الاتحاد الأوروبي، وخطر ما أطلقوا عليه ” الاستعمار الإسلامي “وهذه التشكيلة السياسية اليمينية تأسست قبل سنتين داخل البرلمان الأوروبي، ,وتجتمع على خطاب معادي لاستقبال المهاجرين الأجانب.
قادة اليمين الأوربي يجتمعون في براغ لتوحيد جهودهم
وعلى جانب آخر أعلنت وزارة الداخلية الألمانية في أغسطس الماضي حظر أكبر موقع إليكتروني لليسار المتطرف في البلاد، ومصادرة عدد كبير من قطع السلاح الأبيض أثناء عملية تفتيش ومداهمة لمقاره، وذلك إثر أعمال عنف جرت على هامش قمة مجموعة العشرين بمدينة هامبورج في يوليو الماضي.
وصرح وزير الداخلية الألماني أن بلاده ستتصدى بقوة لمتطرفي اليسار الذين يمكن أن يمارسوا العنف؛ واعتبر أن الموقع شكل خلال الفترة الماضية مسرحا « شبه يومي » لبث تصريحات كراهية وتحريض تصل لحد « المساعدة الملموسة » في ارتكاب مخالفات قانونية، كشرح كيفية تصنيع زجاجات حارقة، أو من خلال الإشادة بحرق سيارة مسئول في الشرطة أمام منزله، ويأتي القرار الألماني بعد أن أسهم هذا الموقع بنشاط تخريبي كبير خصوصاً أثناء قمة مجموعة العشرين الأخيرة.
بقلم : اللواء دكتور شوقي صلاح
خبير مكافحة الإرهاب
عضو هيئة التدريس بأكاديمية الشرطة المصرية
This site is protected by wp-copyrightpro.com