عندما وحد المغفور له بإذن الله عبدالعزيز آل سعود هذه البقعة من الأرض الممتدة على مساحة مليوني كيلو متر من الجزيرة العربية لم يكن يملك جيشاً جراراً او معدات ثقيلة بل اعتمد في توحيد جيوشه على توحيد صفوف رجال القبائل الشجعان الذين كانوا يدركون جيداً معنى الأمن والوحدة التي يفتقدونها انذاك بسبب الحروب القبلية والجهل والأمراض والخرافات والفقر، وتنازع القبائل وبعض الدول على بعض ارضنا، إضافة الى وضعه رحمة الله لسلامة ونقاء العقيدة الاسلامية في مقدمة الحلول لبناء وتأسيس هذه الدولة.
أولائك الرجال الذين عاهدوا الله ثم قائدهم وصدقوا ماعاهدوه هم أجدادنا جميعاً، رحمهم الله، بذلوا أرواحهم في سبيل ان تقام الحدود لتضم شعباً عربياً بعضه من بعض، فلا حروب وبغضاء بل دولة أمنة توفر ما افتقدوه لأبناءهم واحفادهم من بعدهم.
وفي بقعة متصحرة تكاد الحياة عليها أن تكون من أصعب مايمكن، يمن الله عليها بثروات من باطنها ليمدها بالقوة الاقتصادية ويواصل ملوكها رحمهم الله جميعاً البناء على امتداد هذه الصحراء، وكل هذا من العدم، فمن أراضٍ تجمع قبائل بدوية وبعض مزارعين الى دولة من ضمن عشرين دولة هي الاقوى اقتصادياً حول العالم خلال مئة عام.
من يستطيع ان يحصي انجازات وطناً مثل وطني؟
المحزن أننا رغم حبنا وفخرنا بهذا الوطن لازلنا نقصر في حقه بدون أن نشعر، وماهو رد الجميل اذا لم نؤدي الحق ونواصل البناء ونخاف ونحمي ونذكر هذه الاجيال التي ولدت في ترف بأن الماضي القريب كان مختلفاً، كان قاسياً، كان يمكن ان يكون أسوء لو لم يحاربوا ويحدوا مع عبدالعزيز ال سعود.
سنحتفل باليوم الوطني هذا العام وجنودنا في جبهة حرب بينما لا نشعر بالخوف في داخل الوطن، وليتها كانت تلك الجبهة فقط ما نقلق بشأنه المؤسف هي تلك الحروب الإعلامية الباغية التي تترصد لنا وتنال من وطننا وتحاول ان تخترق نسيجنا الاجتماعي بالفكر الارهابي والمخدرات والطائفية، وهنا يجب ان نقف مع انفسنا ونسأل، ماذا يمكن ان نقدم وماذا قدمنا حقاً لنحمي هذا الوطن؟
في اليوم الوطني من واجب كل صاحب قلم او مربي او فنان او موسيقي او مسؤول يملك صوتاً وتأثيراً أن يستخدم أدواته للتذكير والتأثير في الاجيال الصغيرة بما هي قيمة هذا الوطن، باستخدام ادوات جديدة لنقل الصورة الحقيقية والمشرفة التي تشعرهم بالفخر حد النشوة بوطنهم.
كم عدد من يعرف أسماء أولائك الشهداء الذين ماتوا قبل الصورة والعالم الرقمي؟
كم عدد من يعرف المعارك التي وقعت وماذا دار فيها من بطولات الرجال؟
لازال رفاتهم تحت هذه الارض التي تركوها لنا أمنة تزدهر وتنبت الرجال الذين يقفون اليوم في الجبهات استكمالاً لمسيرة أجدادهم.
ارتبط اليوم الوطني بالاجازة فقط في اذهان الشباب والطلاب غالباً، ولو وليت من الأمر شيأً لأقمت في كل مدينة كبيرة ساحات عرض تعرض عروض مسرحية ملحمية لكل معركة وقعت فيها او بالقرب منها في أيام تأسيس المملكة، ثم تنشد فيها أعظم القصائد التي قيلت في حب الوطن.
لو كان لي من الأمر شيء، لبنيت على كل بقعة شهدت الملاحم نصباً يحمل أسم المعركة وشهداءها ومن شارك فيها ليبقى التاريخ المجيد حياً أمام أعين هذه الاجيال وليس مجرد أسطر في كتب لم يعد الكثير من أبناء الجيل الرقمي يهتم بوجودها، وليعرف الجميع ماذا عنى الشاعر عندما قال:
بلادي بلاد الإبا والشمم … ومغنى المروءة منذ القدم
يعانق فيها السماح الهمم … وفيها تصون العهود الذمم
ستبقى بلادي منار الأمم … لتمنع عنها دياجي الظلم
باسم المهيمن حامي العلم … وعزم السيوف وهدي القلم.
هيفاء محمد العمري
ملتقى اعلام الخليج العربي
This site is protected by wp-copyrightpro.com