اليوم/غرة رجب؛ و من غير الضروري تهنئتي بعيد ميلادي، حيث ان أكثر من 10 ملايين سعودياً و سعودية عندهم نفس تأريخ المعايدة!
و ثمّةٓ سببٌ بسيطٌ وراء هكذا تأريخ و تعيين ليوم مولد تلك الملايين.. ألا و هو عدم وجود او إصدار وثيقة/شهادة للمواليد في ذلك الزمان. فكان على الأبوين تذكـّر ذلك حدث ميلاد مولودهم، و محاولة تقريب موعدِه ربما مع حدثٍ معين في تلك السنة، مثلا: حلول رأس السنة الجديدة او ‘عشرةعاشور’/ العاشر من شهر عاشوراء (شهر المحرّٓم)؛ او حدوث مطر متميز او سيل جارف؛ او مرور و هجوم سرب من الجراد.. او سنة كذا مثل الحصبا.. او المجاعة. أو قل مع توافق الميلاد مع حلول عيد من العيدين التقليديين الأساسيين عندنا: الفِطر او الأضحى. و هكذا.
و لكن، لعل من يسأل، من الأجيال الحالية و السابقة في داخل االمملكة العربية السعودية و في خارجها:
‘لكن، لماذا تم اختيار اليوم الأول في مطلع الشهر الهجري السابع/ رجب.. ليكون اليوم و الموعد المختار؟’ و لماذا لم يتم اختيار غرة شهر محرم.. أول يوم من اول شهر في السنة الهجرية، مثلاً؟ او حتى الأول من رمضان؟ او الأول من ربيع الأول، و هو الشهر المشهور بميلاد النبي محمد (ص)..؟
و لستُ متيقناً -مئة في المئة- عن السبب المحدد في اختيار غرة شهر رجب هكذا في ناصفة العام الهجري ليؤرّٓخ به تأريخ ميلاد أولاد البلد و بناته.
و لكني أفسّرُ ذلك بعدة عناصر: 1. وقوع اليوم في ناصفة و منتصف العام؛ 2. و بذا يتم تحاشي تسجيل للمواليد في فترات زاحمة/مزدحمة، مثل موسم ما بين سفرات و طلعات (الشـّعبـٓنة) من ناحية؛ و سُكون موسم الصيام و الليالي الطوال في رمضان من ناحية أخرى.
و بذا صار (رجب) موعداً مواتياً وسطاً وسيطا. بل و تبعٓ ذلك حين تم اختيار توقيت سن التقاعد أيضاً.. و بالطبع كان موعداً شهيراً و موعوداً و مرتقبا: فصار يوم صدور الميزانية العامة للدولة. (و بقي الأولُ من رجب موعداً لاعلانها طيلة الحكم السعودي.. منذ بداياته و تكوين و اعلان ‘المملكةالعربيةالسعودية’ في 1932م.. و حتى مُضي جُل حكم الملك فهد في أواخر القرن العشرين.. حين قرر اختيار الفاتح من يناير من السنة الميلادية كموعدٍ لإصدار الميزانية العامة.
أما بالنسبة لي، و عيد ميلادي، فاعتماداً على كلام قاله لي جدي، والد ابي: ‘كان ميلادك في ثاني يوم النزول’ (ترجمة: أي: في اليوم التالي ليوم ‘النزول’ من مِنىٓ.. بعد انتهاء موسم حجِ ذلك العام، في نهاية تلك السنة الهجرية (1363).. من القرن الرابع عشر!
فكنت قد ولدتُ قبل منتصف القرن الميلادي الماضي، العشرين؛ مع نهاية الحرب العالمية2؛ و مع قيام منظمة الأمم المتحدة؛ و قبيل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
و للإحاطة، فحينما كنتٌ في المرحلة الدراسية المتوسطة، كان تعداد المملكة في حدود 6 ملايين سعودياً و سعودية. و معلوم (الآن) ان تعدادٓ سكاننا قد تعدّٓى الـ20 مليونا.
فرِفقاً بالأجيال التالية و القادمة.
و أرى إن خطط التنمية و الانشاء و الاستثمارات و تحسين الخدمات و المرافق (الخ) ستكون عُرضةً للتضاؤل إذا بقى النسل عندنا بلا حدود.
فلعلـّنا نُولي مسألة تخفيف التناسل و تحديدِ المزواجيات (!)، و أنّ علينا التوجـّه نحو ذلك بعناية و جدّية كافية.. أهلياً و رسمياً.
و ختاماً، فإنه من جميل المصادفة و حسن الطالع ان (غرة رجب)، 1442هـ. هذا العام تصادف عالمياً ليلة (عيد المحبة)، يوم (الڤالنتاين)، غداً الأحد، 14 من فبراير؛ فكل غرة رجب و أنتم جميعاً في رغدٍ و عافية..
و كل ڤالنتاين و البشرية بألف خير💚
بقلم: د.ابراهيم عباس نــَـتــُّو
This site is protected by wp-copyrightpro.com