ضيف عزيز، يأتينا كل سنة مرة، أوله رحمة، أوسطه مغفرة و آخره عتقٌ من النار. يأتينا بالفرح و السعادة، معه تنتشر روح البهجة و المشاعر الروحانية، و تحلو فيه جلسات سمر الأهل و سهرهم، تحبس فيه الشياطين و تكثر فيه أعمال الخير.
قال تعالى في كتابه الكريم؛ “يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”،
يعتبر هذا الشهر من أقدس الأشهر عند المسلمين حيث نُزّل فيه القرآن الكريم، وفيه أيضاً ليلة القدر التي تعادل ألف شهرٍ . جميعنا يعلم ما لهذا الشهر من فضل عظيم على البشر و مكانة عظيمة عند الله، لكن لم يخطر على بال أحد سبب تسميته “رمضان”..!!
لقد اختلف أهل اللغة في سبب التسمية.. فقال بعضهم إنّ اسمه مشتق من الرمض و هو شدة الحر، تزامنًا مع مجيء هذا الشهر وقت الرمضاء، و البعض الآخر زعم بأن سبب التسمية ماهو الا اشارة إلى ارتماض الصائمين من حر الجوع، و تذكرة لهم بأمر الآخرة لأخذ الموعظة، فريقٌ آخر من العلماء قال بأنّ التسمية مشتقة من الحرق، ففي هذا الشهر تُحرق ذنوب العباد بأعمالهم الصالحة، و هناك من قال بأنّ أصل التسمية أتى من الرميض، أي السحاب و المطر في آخر الصيف و أول الخريف، لأنه يرمض الذنوب أي يغسلها بالعمل الصالح.
و برغم اختلافات سبب التسمية، الا أن حقيقة هذا الشهر و أهميته تظل واضحة للعيان، ما نحتاجه حاليًا هو غسل القلوب من الأحقاد، تصفية النفوس من كدرٍ سكنها و تنقية الأرواح من شوائب الدنيا. كن سعيدًا و انشر السعادة من حولك، و لا تدع الدنيا تنسيك اخوانًا حرمهم الله الكثير من النعم، قال صلى الله عليه وسلم؛
“مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا» فلنتذكر قول المصطفى، و نحمده تعالى على ما وهبنا من نعم، بلد آمن، مسكن دافئ، عائلة سعيدة تحتوينا و أصدقاء يهتموا لأمرنا، ولا تتناسوا حقيقة موجعة، بأن من يصوم معنا هذه السنة ربما لن يصومه معنا السنة القادمة..!! فانعموا بحب من أحببتم، حافظوا عليهم و اشكروه على نعمه.
بقلم : غادة ناجي طنطاوي
This site is protected by wp-copyrightpro.com