احمد علي الزهراني – ش ا س
رسالة عنوانها الصبروالنصر والثبات والاستقامة أوردها القران الكريم في نبي من أولي العزم من الرسل نوح عليه السلام
مكث سيدنا نوح في دعوة قومه 950 سنة يدعوهم إلى توحيد الله ويرشدهم إلى طريق النور وينهاهم عن عبادة الأصنام وكان ردهم الاستهزاء والتهكم والسخرية رغم انه حاول معهم بالترغيب والترهيب والتنويع في أسلوب الدعوة ظل يدعوهم ليلا ونهارا، سرا وعلانية ولم يزل يدعوهم ويحاورهم ويحاججهم بأبلغ حجة وأجمل بيان حتى ضاقت صدورهم به لبطلان كل حججهم وشبهاتهم ، وسقوط جميع تهمهم ، فضجوا قائلين : {يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} معبّرين بذلك عن إصرارهم على التمسك بعقائدهم الباطلة وأفكارهم المنحرفة وكان قوم نوح يعبدون الأصنام فطغوا ، وتمردوا واستكبروا : ( وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً ) وكان وداً و سواعاً و يغوث ويعوق ونسر اأسماء رجال صالحين من قوم نوح عليه السلام ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم ، ففعلوا واستمر نوح عليه السلام في دعوة قومه وتلطف بهم ودعاهم فما آمن معه إلا قليل أما الأكثرون فقد كذبوه وسخروا منه واتهموه بالجنون حتى اهل بيته زوجته وابنه تخلوا عنه وحالوا بينه وبين تبليغ رسالة ربه وهددوه بالرجم إن لم ينته : ( قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين )
بل كانوا يصدون الناس عن اتباعها ، ويحرضونهم على التمسك بمعتقداتهم وعبادة أصنامهم ، للإبقاء على الأوضاع كما هي ، خوفا من رياح التغيير التي تأتي على نفوذهم ومصالحهم غير المشروعة : {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} . اخر مراحل التمرد والتنكر والاستكبار راحوا يتمادون في الإعراض عنه وتجاهله بل انهم سدوا آذانهم لئلا يسمعوا ما يدعوهم إليه جعلوا ثيابهم على رءوسهم لئلا يسمعوا كلامه ولايروه (وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا)
و استمر سيدنا نوح في تبليغ دعوة الله , ناصحا و صابرا لمدة ألف عام الا خمسين سنة و هو يدعو و مع ذلك لم يؤمن معه الا القليل
شعر نوح بالاسى والحزن والضيق والخذلان من عدم استجابة قومه ،واستنفذ جميل الحلول والطرق معهم ، فرفع يديه الى السماء شاكياً إلى الله من اتهام قومه له بالكذب، (فدعا ربه أني مغلوب فانتصر) أي: غلبني قومي تمرداً وعتواً فانتقم لي ممن كذبني؛ وحى الله تعالى الى نوح عليه السلام أن يصنع سفينة فأمتثل لأمر الله بصناعه السفينة بمفرده وسط استهزاء وسخرية قومه له و لكنه لم يأبه لسخريتهم (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ) إن تسخروا منا فسترون عاقبة سخريتكم وواصل صنع السفينة ولم يكترث لأي أحد منهم عندما انتهى من صنعها جاءه الامر الالهي أن يركب هو و كل من أمن معه وهم قله يقدرون ب80 شخصا واخذ من الحيونات من كل زوجين اثنين (حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ ۚ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ)
وأوحى الله إليه أن ينتظر منه الأمر وهي فوران المياه من التنور (العيون)، ولما جاء أمر الله وفار التنور،
ازداد فوران المياه من العيون ، وفتحت أبواب السماء بماء منهمر وفتحت عيونا كثيره من الأرض وجعلت الأرض كلها كأنها عيون تتفجر، ((فَالْتَقَى الْمَاءُ))، أي: التقاء ماء السماء وماء الأرض ((عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ)) وبدأت تتحرك السفينة فقال نوح: سبحان الذي سخر لنا هذا، وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون، بسم الله مجريها ومرساها، وفي المقابل كانت الأرض مغطاه تماما بالمياه ، ولا تزال السماء تمطر والأرض تتفجر ينابيعا من كل جهة، وارتفعت الأمواج لمسافات عالية كالجبال، لكن السفينة تجري برعاية الله وحفظه، وحمد نوح الله قائلاً: الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين.
رأي نوح ابنه في مكان معزول فناداه: يابني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين، فرفض وقال سآوي إلى أعلى الجبل ليحميني من الماء، فقال نوح: يابني لا عاصم اليوم من أمر الله، وبينما هم كذلك جاءت أمواج عاتية فصلت بين نوح وابنه، فقال نوح: رب إن ابني من أهلي، فقال الله له إنه ليس من أهلك، إنه ممن سبق عليهم القول بالهلاك.
(وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ونادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ)
غطت المياه أرجاء الأرض وهلك القوم الكافرين، ثم أمر الله السماء أن تقطع ماءها وتتوقف عن هطول الأمطار، وأمر الأرض أن تمتص المياه التي غطتها، فانخفض منسوب المياه شيئاً فشيئاً، وقال نوح: رب أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين، واستوت السفينة واستقرت على جبل يدعى “الجودي” وقيل بعداً للقوم الظالمين.
بدأت الحياة على الأرض طوراً جديداً بعد الطوفان، فلم يبق على الأرض غير المؤمنين، وجعل الله ذريتهم هم الباقين،
This site is protected by wp-copyrightpro.com