في السنوات الأخيرة مع تطور التقنية في أدق تفاصيل الحياة، شهد هذا الجيل طفرة في التكنولوجيا و تبعاتها، ظهرت بشدة في مواقع التواصل الإجتماعي، فاختلط فيها الحابل بالنابل.
استخدمت فيها تلك المواقع بما يتنافى مع مفهومها الصحيح فأصبحت أداة سهلة لتبادل ما أسميه بفضلات الجهل أو القمامة الثقافية.
وكان الناتج السىء لتلك الطفرة عبارة عن ظواهر إجتماعية سلبية تَجَلَّت في بعض الشخصيات..
البعض منهم نصب نفسه داعية، البعض الآخر اِدَّعَى أنه واعظاً و آخرون من جمهور المتابعين لم تترك الطفرة لهم خياراً آخر سوى أن يكونوا متابعين مخلصين، حرصوا على دس السم في العسل، فأصبحوا وسيلة سهلة لإنتشار تلك التداعيات على عدة أوجه و بعدة طرق !!
كان أبرز مانتج عن تلك الحقبة ما أسميناه بالهواتف الذكية، التي أصبحت وكالة أنباء متنقلة في حد ذاتها، وسيلة سهلة، سريعة و غير مكلفة باتت وبالاً على أصحابها.
و مما زاد الوضع سوءاً هو تواجدها في أيدي الجميع، الصغير قبل الكبير، الجاهل قبل المثقف بصفة مستمرة في كل الأوقات !!
أصبحنا نعرف قصة حياة كل شخص بتفاصيلٍ لا تهمنا بسبب تطبيق يدعى “سناب تشات”، نقرأ منشورات عنصرية سطحية و أحياناً خارجة عن نطاق الأدب و الإحترام في تطبيق “الفيسبوك”، إستخفاف منقطع النظير من قبل البعض على تطبيق “تويتر”. ليس ذلك فحسب، بل أصبح هناك من يصدر أحكامه على الناس جزافاً و ينشرها عبر التطبيقات الألكترونية المخزنة في هاتفه على حدٍ سواء والبعض متذمر من كل مايحيط به فيجبرك على أن تنال قسطاً وافراً من طاقته السلبية، و هناك من يشقى في النعيم بجهله فلا يترك حدثاً أو قضية إجتماعية مهمة تمر مرور الكرام دون أن يتفضل مشكوراً بالتعبير عن رأيه الخاص بنشر صورٍ ساخرة تعليقاً على مايجري حوله، لا تنقل سوى فكره العقيم الذي لا يترك شخصية عامة مهمة أو حدث على الساحة دون أن يستغل ما يسمى بحرية النشر بغرض إثارة السخرية أو الإسائة إليها.
أما الفئة الأخرى وهي الأسوأ تبنت مبدأ أنشر بدون تردد..صور لأشخاصٍ مرضى قد لا نعرفهم مشفوعة بطلب دعاء، صور لشخصياتٍ وهمية مرفقة بأخبار كاذبة، صور زواج و طلاق و مشاحنات بين شخصيات إعلامية.
و هذه الفئة تحديداً اتخذت بعض الجمل شعاراً لها !! نذكر منها على سبيل المثال ” انشر تؤجر” أو الجملة الأكثر استفزازاً “لا تدعها تقف عندك “.
أصبحت أقضي ما يقارب ساعتان يومياً يتعكر فيها مزاجي بسبب إضطراري لتنظيف هاتفي الذي يستقبل مالا يقل عن ١٥٠٠ رسالة غير هادفة و ٣٥٠ صورة أغلبها مكرر من بعض المجموعات.
الشاهد هنا.. إلى متى ستسمر مهزلة الإستخفاف بالعقول و نحن في الألفية الثانية؟؟ إختلف الزمان والمجتمع و أصبح أغنى قيمةً بقاماتٍ أدبية و فكرية لا يستهان بها..متى سيستوعب أصحاب الفكر الراقي بأننا نواجه غزواً فكرياً يرتدي رداءً آخراً غير الإستعمار؟؟ و متى ستتدخل الجهات المعنية للحد من هذه الظاهرة؟؟
أسأل الله أن تنتهي هذه الطفرة قبل أن يحدث مالا تحمد عقباه، والهداية لي و لكم أجمعين.
بقلم: غادة ناجي طنطاوي
This site is protected by wp-copyrightpro.com