مؤخراً تفشت ظاهرة سلبية في جميع الدول، عرفت بالفساد الإداري، ظاهرة مقلقة للشعب حين يشعر بأن مصالحه و حقوقه المكتسبة التي منحتها له الدولة في أيدي اناس لا ذمة لهم و لا ضمير، و مقلقة للوطن عندما تكون صورة إدارة الدولة الفعلية في خطر محقق يفتك بأمن و سلامة المجتمع.
مؤخراً قامت وزارة البلدية بردع أكثر من ١٠٠ موظف نتيجة للفساد الإداري الذي يجول في أروقة البلدية، طالت يده التلاعب في صكوك الأراضي و تبعتها الملكية للمواطن، قضية أصابت مفصلاً حيوياً مؤثراً في القوانين التي سنتها الدولة، فكانت مثالاً غير مشرفاً لبعض الجهات المخولة بحماية الحقوق العامة، و بالتالي، فإن ما حدث لم يترك لأي جهة الحق في التشدق بمحاربته والقضاء عليه، بعد أن أصبح نمطاً لمعيشة و أسلوب حياة في المجتمع.
حتى بات يخشى أن يصبح الفساد قاعدة، والطهر والنزاهة استثناء، و تبين أن من حسبناه موسى طلع فرعون، و من توقعناه حامياً للمال العام ما كان الا محاسباً و حامياً لمصلحته و جيبه.
و هذا يقودنا إلى سؤال مهم.. ماهي الدواعي الأساسية التي يقوم عليها الفساد و كيفية محاربته..؟؟
لو تتبعنا منهجية الفساد الإداري منذ بداياته في أصغر القضايا، لوجدنا أنه بدأ بفكرة تنصل صناع القرار من تحمل مسؤولياتهم الإدارية التي تقتضي الذمة و مراعاة الله في الحقوق المالية للمواطن، السعي خلف المصالح الذاتية و تحقيق مكاسب شخصية غير مشروعة تقوم بالدرجة الأولى على هضم حقوق من هم أقل منهم سلطة، غفلة الجهات المختصة عن المتابعة و المراقبة للأمور المالية و ما يتبعها من تزوير في الأوراق الرسمية و اختلاسات و رشاوي مالية.
و بالتالي هذا يقودنا إلى وضع استراتيجية لحماية حقوق المواطن، الحفاظ على ممتلكات الدولة و الحد من تلك الظاهرة، و لن تتحقق هذه الإستراتيجية إلا بالمناقشة حيناً، و بالمتابعة مع ذوي صنع القرار حيناً آخر، و بالنشر عبر وسائل الإعلام و التشهير بكل من تسول له نفسه عكس ذلك إن لزم الأمر.
ختاماً.. في ظل ما رأيت و سمعت مؤخراً.. لا أعلم إن كنا فقدنا القدرة على العلاج أم فقدنا الرغبة فيه؟ هل ما يحدث مؤشراً على أن المصالح الشخصية فقط باتت فوق كل عقاب، أم أن قضية الفساد الإداري باتت مرضاً عضالاً استعصى على الطب و الطبابة، رغم أن الواقع يؤكد نجاح العلاج المبكر في الحالات المستعصية إذا ما عولجت عوارض المرض مبكراً، و كان عند المريض يقيناً بالله و رغبة حقيقية في الشفاء و الله المستعان.
بقلم : غادة ناجي طنطاوي
This site is protected by wp-copyrightpro.com