رجل في صحراء الربع الخالي فاجأته ورقة رمادية غريبة، في سماكة ورقة A4، لكن وزنها ثقيل يفوق 250 جراما، لدنة ودافئة باستمرار، ارتاب فيها، لكنه حملها وحفظها في خزانته ولم يخبر عنها أحدا، الورقة خالية من الكتابات والنقوش، وجدها أبناؤه بعد وفاته، فاستغربوها، ولم يروا فيها فائدة، فباعوها ضمن متعلقات والدهم إلى متحف تركي، اهتم القائمون على المتحف بكل المتعلقات عدا تلك الورقة، وبينما كان عامل النظافة يرش سائل التنظيف على الأثريات، سمع صوتا غريبا، رش مرة أخرى فسمع ذات الصوت، وكأنه نشيج الطفل الباكي، فأخرج الورقة ورش عليها مباشرة، فسمع الصوت وبدا انتفاخ في الورقة، فظهرت عليها كتابات غريبة، هرع إلى مدير المتحف، وحين حضر وجداها عادت سيرتها الأولى.
أخذ المدير الورقة وجمع الخبراء، ثم رشوا عليها السائل، فظهرت كتابات غريبة جدا، فحللوا الورقة مع خبراء عالميين، ليجدوها تنتمي إلى حضارة (الشواكيش الدهم)، وهي حضارة للجن في أعماق المحيط الهندي، والورقة مصنوعة من عظام الجني الأزرق الطرية نوعا ما بعد موته، فاستعانوا بخبير هندي في حضارات الجن، استطاع مع آخرين قراءة الورقة وترجمتها، فوجدها فصلا كاملا من كتاب (الأسرار اللهبية لمقاولي الأرض العربية) لكنهم تكتموا على ترجمتها، خشية أن يطلع عليها المقاولون في بلدانهم.
سرّب أحد المترجمين في جلسة خاصة مقطعا من الورقة، وكان في الجلسة إعلامي من فئة (قناص)، لم يتوان في نشر المقطع عبر صحيفة الكترونية مغمورة، جاء فيه: «واعلم أن مقاولي (الشواكيش الدهم) في شنقروبشيرا الإسلامية قد ضاقوا ذرعا بشدة الرقابة على جودة المشاريع، وكان كسبهم ضئيلا في ظل قوانين الرقابة القوية و(الهندسة القيمية)، حتى سافر للحج المقاول (كوندباش)، وبعده طاف بالمدن السعودية، فرأى شبه انعدام للجودة في تنفيذ معظم المشروعات التي مر بها، فجاب الأحياء والشوارع حتى جلس في (مقهى) بفندق فخم، وهناك سمع رجلا بدينا مشربا بحمرة غريبة يغالب انفجار قهقهة مريبة في جلسة تضم مجموعة من المقاولين العرب، فاقترب من جلستهم، وسمع أحدهم يسأله الأول: كيف تستطيع خداعهم بهذه الطريقة السافرة أيها الداهية؟! فأجاب ناصحا للسائل: (يا عزيزي، لا تصادق كبار المسؤولين، ولا تلتفت إليهم، فهم غالبا لن يفيدوك، ولا تهد إليهم الهدايا حتى لا ينتبهوا لك، بل صاحب التنفيذيين الصغار، فلقمتهم صغيرة، وفعاليتهم أكبر، هل تعلم أنني أصاحب سائق الأمين مثلا، وأغدق عليه الهدايا، فلا يمر به على الشوارع ولا المشروعات التي تنفذها شركتي، فتظل في مأمن حتى انتهاء العقد، وكذلك بقية السائقين» فلم يستطع (كوندباش) الصبر، بل قام من لحظته قافلا إلى شنقروبشيرا، وكأنه وجد (كنز قارون) وبعد تعثره المالي المضني، أصبح أغنى أغنياء شنقروبشيرا، وتبعه آخرون، لكنهم أضافوا إلى نصائح المقاول السعودي، إسكات إعلاميي (الشواكيش الدهم)، وربما ينقلها (كوندباش) إلى المقاولين في السعودية (ردا للجميل وتطويرا للأفكار).
بقلم : أحمد الهلالي
This site is protected by wp-copyrightpro.com