لا تنصفنا الحياة دوماً، فلمْ تُخلق على وتيرةٍ واحدةٍ.
كثيرةٌ هي المواقف التي نتعرض لها، بعضها يُفْرِحُنَا ويدفعنا بحماسٍ للأمام فنزداد طموحاً، وبعضها يتسبب في حزنٍ قد يسكن الأعماق لبرهةٍ من الزمن ويسحبنا ألف خطوة للخلف، ومواقفٌ أخرى تخيفنا، جراء معاناةٍ ما، كفقدان شخص غالٍ علينا، أو كخيانةٍ تهدم أمالاً بنيناها مع شخصٍ ما، تجبرنا على البقاء في أماكننا دون حراك وكأن على روؤسنا طيرا، وتثير لدينا أسئلةً قد لا نجد إجابة لها، إلا بعد برهة من الزمن!!
ولكن في المقابل، تمدنا تلك الأحداث على مر الأيام بقوةٍ تلازمنا ماحيينا و تُكْسِبُنا مناعةً من أثر صدماتٍ جديدةٍ قادمة.فنحن لا نلتقي نفس الشخصيات طوال حياتنا.
هناك شخصيات تحلل ما تراه، وشخصيات تتجاهله.. شخصيات ذات عقول منفتحة و أخرى مغمورة تحت أنقاض العادات والتقاليد.. بالتأكيد لسنا كأسنان المشط إلا عند الله بتقوانا، ولسنا منزهين عن الخطأ والغلط.
فمنذ بدء الخليقة، خلقنا الله في كبد، جهاد مستمر مع النفس، يؤتي ثماره تارةً، وتخذلنا الظروف تارةً أخرى.. ولم يحصل أحدنا على وعدٍ بالسَّعادة الدائمة، أو ضماناً لتوفير كافة إحتياجاته، ولكنّها فترات مقدرة بأمره تعالى، تتراوح ما بين شِدَّةٍ ورخاء، وقراراتٍ صائبة وخاطئة، وتلك هي سُنّة الخالق في أرضه، فمن منا لم يتعرض لموقف شل تفكيره و قضى ليالٍ طوال يفكر بمشكلة ما؟؟ من منا قضى عمره دون أن يشغله إتخاذ قراراً مصيرياً في حياته!! وكم من قرار أصابنا بالندم لفشله تارةً، وتارة كان حليفنا النجاح؟؟
وهذا لا يعني الإستسلام.. بل يجعلنا نستمر و نعيد النظر في ما هو ابعد من ذلك، ويجبرنا أن نفكر في غدٍ مجهول كائن بأمر من يقول له كن فيكون، ومع مرور الوقت قد نرى الأمور من منطلق أكثر عمقا ً وقتها فقط سنعلم:
(أن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا وما أخطئنا لم يكن ليصيبنا )
لذلك يحتاج كل إنسان في بعض الأوقات لتعديل مساره، وإعادة هيكلة حياته مرةً أخرى، وترتيب أولوياتٍ قضى عمره يحافظ عليها. ويتمثل هذا في نسيان ما مضى، والبدء من جديد، بروحٍ نقيةٍ شفافة لا تتخللها أحقاد قديمة، و عزيمة قوية تمكنك من تجاهل خساراتك سابقاً وتعدك بنجاحاتٍ عديدة مستقبلاً.
فعود نفسك بأن لا تقف أبدًا عند فشلٍ، أو هزيمة، أو خسارة، أو موت، قم بطي صفحة الماضي، و ابدأ بصفحةٍ جديدة، وأعلم دوماً أن الليل الطويل يخلفه صباحٌ ، والغيمة الماطرة تلوح بعدها شمس سماءٍ صافية يعتليها قوس قزحٍ براق في الأفق، لصباحٍ مشرقٍ يعلن بداية يوم جديد لحياةٍ جديدة.
دمتم ودامت أيامكم عامرة بنجاحاتكم و أفراحكم .
بقلم: غادة ناجي طنطاوي.
This site is protected by wp-copyrightpro.com