صفحات من حياة أنثى احبك يا أبي ..
06 يونيو 2023
0
63558

نوشة – ش ا س

كنت انظر الى دفتري بذهول اقلّب بين صفحاته غير مصدقة
هل هذا هو نفس الدفتر الذي اعطيته فارس بالأمس؟
دفتر خواطري الذي لازمني لأكثر من سبعة اعوام دونت فيه كل احاسيس وتقلبات مراهقتي
هذا الدفتر الذي كنت و ما زلت اسجل فيه كل ما يدور في نفسي من خواطر ومشاعر تعبر عن كل حالاتي واودعه احلامي واسراري، اقضي وقتي أزينه بالرسوم والبطاقات فهو صديقي الصدوق الذي لم أُطلع عليه احداً فهو ملجأي
الذي يتقبلني بكل حالاتي فإنه حقاً يعني لي الكثير. كنت أُحدث فارس عنه بالامس عندما طلب أن يطلع عليه لكنه اراد ان يقرأ كل مافيه فسمحت له أن يأخذه معه. وهاهو يعيده اليوم بحاله يُرثى لها فلا أدري كيف سمح لنفسه ان يحوله الى كشكول يكتب فيه ما يشاء ويشطب من كتاباتي ما لم يروق له وقد تمادى لدرجة انه نزع عدة صفحات منه!!
يا إلهي بأي حق يفعل ذلك؟!!
نعم أحبه كثيرا لكن لا أظن أن ذلك يعطيه الحق ليفعل ما فعل. ترى هل أخطأت حين اطلعته عليه؟
هل تصرفه هذا يكشف عن جانب من شخصيته لم اكتشفه بعد؟
لا أعلم لكن كل ما اعلمه بأن تصرفه قد آذى مشاعري لابعد الحدود.
في الزيارة التالية انفجرت باكيه امام فارس وانا أُريه ما فعله بدفتري واخبره كيف جرح مشاعري بفعلته وكانه قد حوّل كل مشاعري الجميلة الى مشاعر مبتورة مشوهة فان كنت قد اطلعته عليها فذلك من محبتي لكن ليس من حقه ابدا ان يفعل ما فعل. احتضني فارس وهو يحاول تهدئتي و يهمس بأُذني أنه لم يقصد الا ان يشاركني كل شي وحاول الاعتذار بشتى الطرق حتى قبلت اعتذاره على مضض لكن داخل راسي كانت هناك افكار تنهشني وتساؤلات مرعبة هل تصرفه هذا يلغي خصوصيتي او مساحتي من الحرية؟
هل سيفهمني فارس يوماً؟
فرغم كل الحب الذي يكنه لي الا انه لا يفهمني مع انه يبذل قصارى جهده ليفعل.
مع حبي الكبير له الا ان هناك شي يقلقني لا اعلم ما هو، ثمة شعور دائم بعدم الامان عدم الراحة لإتمام الزفاف الذي لم يتبقى عليه الا أيام معدودة لكن الاجازة تكاد تنتهي ويجب ان اعود الى مقاعد الجامعة كما أن امي تنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر حتى يخيل لي احيانا ان فرحتها وحماسها يفوقان فرحتي فهي لن توافق على اي تأجيل فلم أرى خياراً غير أن أمضي قدماً وأسأل الله التوفيق.
اخرجني من تساؤلاتي طرقاً خفيفاً على باب غرفتي وكأن الطارق يتمنى ان لا اسمع طرقاته، فتحت الباب لأجد أبي وقد خبأ وجهه وراء دفتر جميل زُين بمزيج من الورود والشرائط ابتسمت وأنا أزيح الدفتر عن وجه ابي الذي صدمتني ملامحه فقد كان حزيناً دامع العينين، ارتميت في احضانه وأنا اسأله: أبي هل انت بخير؟؟
فقد لاحظت أنه ليس على ما يرام في الفترة الاخيرة لكن أن أرى دموعه فذلك يعني أن هناك امراً جلل فطوال سنوات عمري العشرون لم أرى دموعه فماذا حدث اليوم؟!!
احتضني ابي بقوة حتى سقط الدفتر من يده و أجهشنا بالبكاء معاً فحتى وانا لا اعلم السبب كانت الدموع في عيون ابي كفيلة بإشعال نار الحزن في صدري. سمعت ابي يقول بصوت متهدج وهو يقاوم دموعه: ستغادرينا يا أبنتي؟
اصبت بالدهشة ولُمت نفسي بشدة فكيف اكون انا سبب هذه الدموع. كم انا انانية إذ انشغلت بخطيبي وترتيبات الزفاف ولم أشعر بألم ابي لفراقي. ارتميت بحضنه وانا أُقبّل يده و اقول: كلا كلا لن افارقكم ابداً لن اتزوج لن ابتعد عنكم لاني لا احتمل ان ارى دموعك وللحظة ادركت ان لا شي في العالم يستحق دمعة واحدة من عين ابي. سرعان ما حاول ابي ان يتمالك نفسه فمسح دموعه وربت على رأسي بحنان وهو يلتقط الدفتر ليناولني اياه و يقول: ابنتي الحبيبه انها مشاعر الاب تجاه اكبر واحب بناته الى قلبه اعلم انها سُنّة الحياة و رغم المي فإني سعيد جدا بابنتي الصغيرة التي اصبحت اجمل عروس، لقد زينت لكي هذا الدفتر وكتبت لكي بعض الكلمات في اول صفحاته وكلي امل ان اكون اجدت شرح مشاعري ( يا لها من مصادفة غريبة ففارس يشوه دفتري وابي الذي لا يعلم بأمره يعوضني عنه) تناولت الدفتر بلهفة لأقرأ ما كتب:
بسم الله الرحمن الرحيم
ابنتي الحبيبة ليان
وهبني الله عصفورة جميلة صغيرة هي البلبل في ذاتها تشدو الحاناً عذبة تطربني بصوتها الصداح، حمدت الله كثيراً على هذه الهبة واعتنيت بها أحسن عناية و رعيتها خير رعاية. رأيتها تنمو وتكبر وتزداد جمالاً يوما بعد يوم وانا ازداد فخراً وإعتزازاً بهذه العصفورة. يوماً ما كان هناك شخص يطمع في عصفورتي وفي غمرة فرحتي نسيت القفص مفتوحاً. فما الذي حصل؟
لقد طارت العصفورة!! طارت العصفورة!! آه طارت عصفورتي. إن ذلك اليوم ما هو الا عقد قرانك وذلك الشخص ما هو الا فارس، فارس احلامك.
غالبتني دموعي لكن تبقى تمنياتي لكي بحياة سعيدة وصحة تامة وعمر مديد في طاعة الله. ارجو ان لا تنسي ايامنا الجميلة سوياً وتذكري دوما أن لديكي والدين واخ واخوات يحبون ان يروكِ سعيدة.
سنفتقدك كثيرا يا ليان
والدك المحب
عبدالرحمن
كنت اقرأ ما سطر والدي ودموعي تتساقط لتغرق الصفحة وما ان انتهيت حتى ارتميت في حضن ابي وانا اجهش بالبكاء واقول: احبك يا ابي، احبك كثيرا لن نفترق ابدا ولن انساك للحظة ما حييت.


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com