ظفار – بسام العريان وشادية الزغيّر
تؤمّن صلالة الواقعة على الساحل الجنوبي لمحافظة ظفار، للمسافر العصري وجهة ناشئة أنعم عليها الخالق بجمال يفوق الوصف، هي التي تشتهر بأشجار اللبان، والشواطئ الزاخرة بأشجار جوز الهند والمناظر الطبيعية الخلابة.
فيما يتوافد الزوار خلال موسم الخريف الذي يشهد هطول أمطار موسمية تحوّل الساحل والجبل إلى أدغال استوائية، تمضي صلالة ما تبقى من العام في انتظار المستكشفين.
غير أنّ هذا الملاذ العماني المذهل هو وجهة تستحق الزيارة على مدار العام، إذ تصطحب الزوار في رحلة تنضح ألوانًا وتمتزج بالتاريخ والأساطير مع قلاع وحصون تاريخية، وكثبان مترامية الأطراف، وشواطئ نقية لم تدسها قدم إنسان وأسواق تنبض حياةً وحيوية.
شواطئ تخطف الأنفاس
تنتظرك وفرة من الشواطئ المنعزلة بأسلوب “روبين كروزو” الممتدة على أميال من السواحل الخلابة، ما يجعل من صلالة وجهة لا غنى عنها لدى عشاق الشاطئ.
يمكنك الوصول إلى شاطئ الفزايا عبر طريق متعرج وشديد الانحدار، وهو ملاذ تعمّه السكينة وتتبعثر في نواحيه صخور الصوان الكبيرة والمنحدرات السحيقة، تقابلها رمال بيضاء نقية ومياه زرقاء داكنة تسبح فيها الدلافين الحدباء أو تطفو عليها أكواخ الصيد.
من ناحية أخرى، يفترش شاطئ مغسيل مساحة طويلة من الرمال النقية التي تتّكئ على كتلة صلبة من الحجر الجيري لجبل القمر الذي تغوص سفوحه في البحر، مع ثقوب مجاورة تنفث مياه المد والجزر التي تتغلغل بين شقوق المنحدرات في الأسفل. وفي شاطئ طاقة، يمكن للمسافرين مشاهدة القرويين وهم يسحبون شباكًا مليئة بسمك السردين ويتركونها لتجف تحت أشعة الشمس العربية الحارقة.
تعجّ مياه ظفار بسمك مارلن، والماهي ماهي والهامور، وبالتالي فإنّها مثالية لصيد الأسماك، حيث يُقام مهرجان بحري في طاقة كل شهر مارس احتفاءً بأساليب العيش المحلية، مع وسائل صنع الشباك ومسابقات صيد الأسماك إلى جانب موسيقى، ورقص ومأكولات تقليدية.
طبيعة تأسر القلوب
تُعدّ صلالة المكان المثالي لاختبار تجارب غير مألوفة ومشاهدة مناظر طبيعية تخطف الأنفاس وكثبان رملية شاهقة مدهشة، حيث أنّ حركة المرور الوحيدة التي ستشهدها هي قافلة جِمال تتمايل على الطريق أمامك.
يمكن للمسافرين الجريئين خوض غمار الجبال لمشاهدة الحياة البرية بما في ذلك الغزلان والضباع المخططة، في حين يستطيع مراقبو الطيور رؤية أسراب كبيرة من طيور النحام، ومالك الحزين والبلشون.
من ناحية أخرى، يوفر وادي دربات مسار مشي ممتاز يشق طريقه عبر التلال المتعرجة، في حين يُعتبر طوي اعتير (بئر الطيور) وكهف طيق وجهتين أساسيتين على لائحة الأمور التي ينبغي تجربتها، حيث يضم الأول كهوفًا مدهشة متنوعة تنتشر في جبال صلالة المكونة من الحجر الجيري المسامي، والثاني الأكثر إبهارًا هو ثالث أكبر كهف في العالم.
أما إذا كنت تبحث عن مغامرة في مكان بعيد، فاذهب في رحلة إلى صحراء الربع الخالي التي تُعتبر من أكبر الصحارى في العالم، للتخييم تحت النجوم واختبار الحياة البدوية التقليدية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
طريق اللبان
تأوي صلالة أشجار اللبان العريقة التي تُعتبر محفّزًا للاحتفال والإلهام والتجارة منذ آلاف السنين، ولها ماضٍ عريق يستمدّ حكاياته من الأساطير والفلكلور.
تروي الأساطير أنّ ملكة سبأ جمعت ثروة هائلة من تجارة اللبان المزروع في قصرها الساحلي في سمهرم على شاطئ خور روري، الذي بات مدرجًا على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي.
لا يقتصر استخدام اللبان على الممارسة الطبية فحسب، بل باتت تفوح اليوم رائحته الزكية من كل متجر، وزقاق ومسجد، حتّى أنّ الضيوف يستطيعون شراء أكياس منها واصطحابها إلى ديارهم.
لكن لا تكتمل الرحلة إلى صلالة من دون زيارة متحف أرض اللبان الذي يقع بجوار المنتجع. فهو يروي الحكاية بكلّ تفاصيلها ويضمّ في حناياه مجموعة مُبهرة من التحف التي تعود إلى كافة مراحل التاريخ العربي. يقع بجواره منتزه البليد الأثري، وهو موقع آخر مدرج على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي يحتضن بقايا أثرية قديمة تعود إلى القرن الثاني عشر لميناء ظفار التجاري.
بوسع الزوار زيارة هذا الموقع الأخاذ وتأمّل تفاصيله المبهرة، قبل التوجه لاكتشاف جواهر تاريخية أخرى تشمل حصن طاقة الذي يعود إلى القرن التاسع عشر وقلعة مرباط. إذا كنت تودّ الانغماس في تجربة تسوّق منقطعة النظير، توجّه إلى الأسواق الشعبية لتذوّق الحياة المحلية على أصولها وتفرّج على كنز دفين من الفنون العمانية والتحف الثقافية، وتنشّق رائحة اللبان التي تخاطب الروح.
منتجع البليد صلالة استرخاء على ضفاف البحر
تمّ افتتاح منتجع البليد صلالة من أنانتارا مؤخرًا وهو مصنف من فئة الخمس نجوم. يضفي المنتجع مستوى جديدًا من الفخامة على المنطقة، موفرًا للضيوف المتميزين قاعدة أنيقة يحلو منها استكشاف الأسرار المحيطة بهذه المنطقة من الجزيرة العربية.
ترعرع خبير صلالة المتمرّس في منتجع البليد صلالة من أنانتارا في قرية مجاورة، لذا فهو يعرف خبايا المنطقة أكثر من أي أحد، وهو الوحيد القادر على منح الضيوف فرصة تذوّق الحياة في صلالة على أصولها، ويشكّل صلة الوصل بينهم وبين ثقافة المنطقة وتاريخها وطبيعتها. وبمساعدته، يمكن الكشف عن أسرار هذه الأرض عبر مسار مصمم بما يناسب رغبات الضيف، إذ يوفر حكايا لا تُعدّ ولا تُحصى ويشكّل الملاذ المثالي للعائلة والأصدقاء على حد سواء.
بعد أيام تمضيها في اكتشاف أسرار صلالة، يمكنك الاستمتاع بالمحيط الفاخر لمنتجع البليد صلالة من أنانتارا والاسترخاء بين أحضان الفيلا المزوّدة ببركة سباحة خاصة، وهي الأولى من نوعها في صلالة.
يعكس تصميم المنتجع العمارة العمانية الأصيلة، المستوحاة من قرى ظفار التقليدية، ويجمع في حناياه أيضًا عناصر حديثة ومعاصرة تُتوَّج في ملاذ خلّاب يعانق البحر. تنزّه على طول الشواطئ الخالية المكسوّة بالرمل الأبيض، أو دلّل نفسك بالعلاجات المستوحاة من التقاليد المحلية في سبا أنانتارا الشهير، أو استمتع بتذوّق أطايب شهية في أحد المطاعم الثلاثة المتوافرة، أو شارك في إحدى الرياضات المائية الكثيرة بين رحاب المنتجع.
This site is protected by wp-copyrightpro.com