قال تعالى:
(وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) من سياق هذا المدلول يتضح لنا منهجاً ربانياً ينص على منع الإفساد في الأرض بأي نوعية أو كيفية كانت. إتضح مؤخراً بأن ظاهرة العبث بالمرافق و الممتلكات العامة منتشرة عالمياً و تتفاوت نسبة تواجدها بين دول العالم.
و أصبحت تلك الظاهرة تمثل خطراً يقع على عدة محاور ..
أولها على الفرد و فئات المجتمع، حين يصبح ما تقدمه الدولة لأفراد المجتمع عبارة عن ركام لصروحٍ هُدِمَتْ، عليها بصمات العابثين بغرض التشويه ليس إلا.
ثانيها يؤثر تأثيراً سلبياً على إقتصاد الدولة .. فكم من المال تصرفه الدولة على إنشاء تلك الخدمات مثل ملاعب الأطفال، المجسمات الجمالية، الحدائق العامة و غيرها من تجهيز الأماكن العامة لتوفير أماكن الإستجمام لجميع الأسر من مختلف طبقات المجتمع، ثم تنفق مرةً أخرى على نفس المنشئآت للتحسين من حالتها المشوهة، أليس هذا هدراً لمبالغٍ الأجدر بها أن تُنْفَق على مرفقاتٍ جديدة حتى يتسنى للجميع الإستمتاع و الإستفادة من تلك الخدمات !!
ثالث خطر يقع على الأسرة، فمثل هذه التصرفات المتكررة دلالة على ضعف الوازع الديني لدى أحد أفرادها، ذاك الوازع الذي ينهى عن القيام بكل ما يضر البلد، و إصابته بداء تخريب الممتلكات العامة بشكل مستمر، داء لا يُمثل إلا نفس الفرد الأمارة بالسوء و هي تستمتع بالعبث بمصالح المجتمع التي هي في الأصل أماكن لكل الناس بمختلف أجناسهم لقضاء أوقات سعيدة لكل أطياف الأسرة.
متى سيستوعب الشعب أن منشئات الدولة الترفيهية ملك للعامة !! متى سنتخلى عن فكرة التخريب، التدمير و مؤخراً السرقة؟؟ دفعت الدولة مبالغ طائلة لتوسيع منطقة الكورنيش وتحسينه لتتوفر للعائلات سبل ترفيه جديدة .. وماذا يفعل الشعب؟؟ يدمر، يشوه بل و يسرق هذه المنشئات.
في الدول الأجنبية تعتبر الحدائق والأماكن العامة جواهر يحافظ عليها الشعب، فلا يلقي بالقمامة في الحدائق، و يحافظ على ألعاب الأطفال الموجودة .. أما نحن ماشاء الله حدث ولا حرج !! الأطفال يقومون بتكسير و تخريب كل ماطالته أيديهم، و الأهالي يتفرجون دون أن يحركوا ساكن !! و الأدهى و الأمر ما أسمعه من جملٍ مستفزة تتردد من الأباء: ” كسر وأنا أبوك مهو بمالك تراه مال الدولة”..!!
ياجاهل .. مال الدولة و ممتلكاتها العامة تتوارثها الأجيال، ما تحافظ عليه اليوم، ينعم به أبنائك و أحفادك مستقبلاً.
و بعدين نزعل و نقول الدولة مابتسوي شي!!
حسبي الله و نعم الوكيل، إنما أبث شكواي لله رب العالمين ليهدي هذه الفئة الجاهلة و يحمي بلادي و يعز حكومتي..
بقلم: غادة ناجي طنطاوي
This site is protected by wp-copyrightpro.com