
*طارق مبروك السعيد*
أحمَدُ الله الذي مَنَّ علينا بالإسلام، ورحم والدينا اللذين غرسا فينا حب الصلاة والذهاب للمساجد منذ الصغر.
 في هذا المقال، أتناول ظاهرة لاحظها الكثيرون على بعض المصلين هداهم الله، وهي كثرة الحركة وفرقعة الأصابع أثناء الصلاة.
لا شك أن هذه التصرفات تشتت المصلي نفسه وتُفقِد من يصلي بجانبه الخشوع. فالصلاة، يا سادة يا كرام، هي سكن للقلب وطمأنينة للروح، نتجلى فيها عظمة الوقوف بين يدي الله جل وعلا.
 والخشوع يتطلب تفريغ القلب وإقباله على الصلاة بطمأنينة، مما يريح الجوارح ويجعل قلوبنا متذللة لله بطاعته، كما قال تعالى: ( الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ).
سُئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن حكم الحركة في الصلاة، فكان جوابه: العبث في الصلاة لا يجوز إذا كثر، أما الشيء اليسير فيُعفى عنه. الشيء اليسير عرفًا يُغض الطرف عنه، لكن إذا تكرر وكثر، أبطل الصلاة.
لذا، الواجب على المؤمن والمؤمنة الحرص على سلامة صلاتهم والحذر مما يُبطلها، مع العلم باستثناء الحركة اليسيرة.
أما الجزء الثاني من المقال، فأخصصه لمن اعتادوا على عادة سيئة، وهي فرقعة الأصابع خلال الصلاة. هذه العادة لا تُبطل الصلاة، لكنها مكروهة لأنها من العبث الذي ينافي الخشوع، وتسبب إزعاجًا للمصلين في المساجد.
وإذا نظرنا للأمر من الناحية الطبية، فقد ترتبط فرقعة الأصابع المستمرة ببعض الأضرار على المدى الطويل، مثل ضعف قبضة اليد وتلف الأنسجة الرخوة المحيطة بالمفاصل في حال تكرارها بشكل مفرط.
يجب على المصلين أن يطمئنوا في الركوع والسجود. وألفت انتباه القراء إلى أمر آخر استذكرته الآن وأنا أكتب، وهو: الإكثار من إدخال الإصبع في الأنف أثناء الصلاة بطريقة قد تكون مُنفرة وتُشوش على المصلين وتُزعج الملائكة!
في الواقع، هناك مصلون أتجنب الصلاة بجانبهم وأذهب إلى مسجد آخر خشيةً من وساوسهم.
 أليس يكفينا مقاومة الشيطان “خنزب” الذي يوسوس للمصلي لإفساد صلاته وتشتيت تركيزه، حتى يأتي من يزيد الأمر سوءًا ويشتت انتباهنا وتركيزنا أثناء الصلاة؟
ورد في الحديث الشريف أن الصحابي عثمان بن أبي العاص سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الشيطان الذي يحول بينه وبين الخشوع في الصلاة، فأجابه بأن اسمه خنزب وأمره بالتعوذ بالله منه والنَفْث عن يساره ثلاث مرات، ففعل ذلك وأذهب الله عنه شره.
أُنصِح كل من يجد في نفسه هذه الصفات غير المحمودة وتتكرر بأن يعلم أنها تُبطل الصلاة عند جميع أهل العلم.
وإذا كانت الوساوس والحركات اللا إرادية تؤثر على صلاته وعلى صلاة من يجاورونه، فننصحه باستشارة أخصائي نفسي لإيجاد حل لمشكلته ومعالجتها.
أخيرًا، ينبغي للمؤمن أن يستشعر مخافة الله ويحذر من الوساوس التي تؤدي إلى كثرة الحركة خشية بطلان صلاته، وعليه أن يعتني بالخشوع ويُقبِل على صلاته مُركزًا عليه لتقليل حركته، ونسأل الله القبول.
This site is protected by wp-copyrightpro.com