يا قيسنا يا قيس الناس حجوا
وانت قاعد ليش الليلة نفره
قوم ادبحلك تيس قوم روح لبيتك
قوم اخبزلك عيش
أهزوجة قديمة مكاوية ارتبطت بعيد الأضحى، لكن من أو ما هو (القيس) ؟؟
جرت العادة أن النحر يبدأ عقب صلاة عيد الأضحى و يستمر لثلاثة أيام بعده، أفضلها ما يذبح بعد الصلاة مباشرة حتى يكون أول ما يؤكل، لكن هناك عادات أخرى كانت نساء مكة تتبعها حتى أربعة عقود مضت.
في ليلة عيد الأضحى في مكة عندما يكون العم “صدقة” مشغول بتجهيز الأضحية للذبح حتى تجتمع العائلة على ما يسمى بوليمة العيد، تخرج النساء لمدة ثلاثة أيام في وقت تخلو فيه مكة من الرجال لإنشغالهم بالحجاج في المشاعر المقدسة، عُرِفَت تلك الأيام (بالخُلّيف) بضم الخاء و تشديد اللام، ويتجهن لمهرجان (القيس) حيث تتنكر فيه النساء بالملابس، يتبادلن أدواراً ذكورية هزلية و يتغنين بتلك الأهزوجة، و على من بقي من الرجال في بيته و لم يذهب لأداء فريضته ان يلزم بيته ولا يقرب باب المنزل للخروج منه حتى لا تلاحقه النساء بالعصي في المدينة مرددين أهازيج منها:
(يا قيسنا يا قيسنا هيا معانا لبيتنا
نسقيك من شُربيتنا و نطلّعك في بيتنا
و الليلة نروح عند أبو علي
و الله نروح و ندبحلك الطلي
أبو الصمادة والعقال من يوم شفته عقلي طار ) .
تنتهي الصلاة، يخرج الأهالي إلى أزقة مكة “زقاق عانقني”، “زقاق الملائكة”، “زقاق السبع لفات” و يجتمعوا في (المركاز) بزيهم الجميل الثوب مع العمة و السديري ليتبادلوا تهاني العيد.
و في بيت العم “صدقة” تقوم زوجته “بيجم” بتحضير لحم الخروف للأولاد و للأحفاد.. وصنع مالذ و طاب من حلويات أكتست بطعم العيد خاصة بالعيد كالغُريبة و المعمول المحشو بالتمر أو بالمكسرات عليه بودرة السكر البيضاء. و للأطفال نصيب الأسد من ألعاب الحارة.
فكل حارة تجمع أطفالها.. و يمتليء شعب عامر، شعب القرار، شعب علي بأطفالٍ يلعبون بربر، غميمة، طيرة و لعبة الحجارة المشهورة سقيطة.. و عندما يحل المساء يجتمع الأهالي مرة أخرى في مركاز الحارة يتسامرون في ليالي العيد على فنجان شاهي متقون من السموار، يرون ذكرياتهم عن ألعاب القيس لأحفادهم، تلك الحكايا التي تفضح في مرح من تلقى علقة ساخنة في أيام الخليف..
كل عام و أنتم بخير يا أهل أول، يا ذوق يا كادي يا عنبر، و كل سنة نسمعكم تقولوا:
المعمول سويناه .. في الفرن خبزناه .. و الخروف اشتريناه .. في الحوش ربطناه .. و المقلقل أخرناه .. ليوم العيد خليناه
يا قيسنا يا قيسنا .. تعالوا ادبحوا تيسنا .. و اشربوا من شربيتنا .. يا مرحبمبكم في بيتنا.
بقلم: غادة ناجي طنطاوي
القيس: مهرجان نسائي مكاوي قديم.
الخُلّْيف: أيام ينشغل فيها الرجال بخدمة الحجاج.
بيجم: إسم يطلق على الزوجة معناه المرأة الجميلة.
بربر، سقيطة، غميمة: ألعاب أطفال قديمة.
المركاز: مكان اجتماع أهل الحارة.
السموار: إبريق شاهي كبير عالبخار.
شربيت: شراب محلى.
This site is protected by wp-copyrightpro.com