( قصة المؤتفكه )
14 مارس 2024
0
150282

 

أحمد علي الزهراني – ش ا س 

وردت كلمة المؤتفكة -المؤتفكات في أكثر من آية بالقرآن الكريم. والمؤتفكات: المقلوبات، جمع مؤتفكة،
﴿أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [التوبة: 70] : ( ألم يأتهم ) يعني المنافقين ، ( نبأ ) خبر ، ( الذين من قبلهم ) حين عصوا رسلنا ، وخالفوا أمرنا كيف عذبناهم وأهلكناهم .مثل ( قوم نوح ) أهلكوا بالطوفان ، ( وعاد ) أهلكوا بالريح ( وثمود ) بالرجفة ، ( وقوم إبراهيم ) بسلب النعمة وهلاك نمرود ، ( وأصحاب مدين ) قوم شعيب أهلكوا بعذاب يوم الظلة ، ( والمؤتفكات ) المنقلبات التي جعلنا عاليها سافلها وهم قوم لوط ، ( أتتهم رسلهم بالبينات ) فكذبوهم وعصوهم كما فعلتم يا معشر الكفار ، فاحذروا تعجيل النقمة ، ( فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )
عاش لوطٌ عليه السلام في فترة رسالة إبراهيم عليه السلام وقد آمن به وعاصره واهتدى بسنّته وهاجر معه في رحلاته وتنقّلاته.
فنزل أمر الله تعالى على لوط بالرسالة إلى قوم سدوم وهي قرية في الأردن تقع قرب البحر الميت فحمل نبي الله لوط رسالة التوحيد إلى قومه الذين كانوا يُعرفون أيضاً بسوء أخلاقهم وبذائتهم وانتشار الرذيله والفاحشة والفساد وقطع الطرق على المسافرين
فنهاهم لوط عن فعلهم الشنيع وآمرهم بالتوحيد ولكن لم يستجب قوم لوط لنبيهم عليه السلام ولم يؤمن بدعوته أحد بل قابله القوم بالكفر والتكذيب وحاولوا إخراج نبيهم من قريتهم كارهين دعوته لهم بالطهر والفضيلة حيث قال الله تعالى:( أَخْرِجُوا آَلَ لُوط مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ).
ولم يكتفوا بذلك بل تحدّوا نبيّهم أن يُنزل عليهم عذاباً من الله -سبحانه- إن كان نبيّاً صادقاً حقّأً قال الله تعالى على لسان القوم: (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فحينئذ دعا لوطٌ ربّه أن ينصره على قومه فأجاب الله -تعالى- دعاءه.
توجّه لوطٌ عليه السلام إلى ربّه بسؤاله النصرة على قومه أرسل الله تعالى له ملائكة ليُلحقوا العذاب بقومه وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل فنزلوا أوّلاً عند نبي الله إبراهيم عليه السلام ليبشّروه بنبيّه إسحاق ويُخبرونه بخبر إهلاك قوم لوط ففزع إبراهيم عليه السلام من خبر إهلاك القوم الكافرين وحاول أن يجادل الملائكة في ذلك وذكّرهم بوجود لوطاً عليه السلام في القرية فأخبرته الملائكة أنّ الله تعالى سينجّي لوطاً وسيهلك القوم بأكملهم قال الله تعالى: (فَلَمّا ذَهَبَ عَن إِبراهيمَ الرَّوعُ وَجاءَتهُ البُشرى يُجادِلُنا في قَومِ لوط *إِنَّ إِبراهيمَ لَحَليمٌ أَوّاهٌ مُنيبٌ*يا إِبراهيمُ أَعرِض عَن هـذا إِنَّهُ قَد جاءَ أَمرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُم آتيهِم عَذابٌ غَيرُ مَردود) .
ثمّ خرجت الملائكة من عند إبراهيم متوجّهين إلى قُرى قوم لوط ودخلوها وقت الظهيرة وحلوا ضيوفا على لوط .
ولم تُخبر الملائكة لوطاً عليه السلام في بادئ الأمر أنّهم ملائكة بل ظنّهم ضيوفاً فرحّب بهم وقدّم لهم الإكرام والضيافة لكنّه شعر بالغمّ والضيق الشديدين لأنّ الملائكة كانوا قد أتَوا على هيئة شبّان غاية في الجمال فخشي عليهم من قومه وخشي من الفضيحة التي قد يُسبّبونها له وعندما رأت زوجة لوط الضيوف وكانت كافرةً بدين زوجها متّبعةً قومها أسرعت إليهم تُخبرهم أنّ ثمّة ضيوفاً شباباً بديعي الجمال في بيت زوجه وجاء قومُ لوط يسرعون المشي إليه لطلب إتيان الفاحشة، وكانوا مِن قبل مجيئهم يأتون الرجال شهوة دون النساء، فقال لوط لقومه: هؤلاء بناتي تَزَوَّجوهن فهنَّ أطهر لكم مما تريدون، وسماهن بناته؛ لأن نبي الأمة بمنزلة الأب لهم، فاخشوا الله واحذروا عقابه، ولا تفضحوني بالاعتداء على ضيوفي ، أليس منكم رجل ذو رشد، ينهى الجرم القبيح ،. (وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ۚ قَالَ يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ۖ أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ) اشتد قلق لوط عليه السلام، و { قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ } فإنه يأوي إلى أقوى الأركان وهو الله، الذي لا يقوم لقوته أحد، ولهذا لما بلغ الأمر منتهاه واشتد الكرب.
فلمّا رأت الملائكة الكرب ا الشديد لذي أصاب نبي الله لوطاً بسبب إلحاح قومه وإصرارهم عليه لأجل إدخالهم عند الضيوف أخبرت الملائكة لوطاً أنّهم ملائكةٌ وليسوا من البشر وأنّ القوم لن يستطيعوا الوصول إليهم وإيذائهم قالوا: بعد أن أزالوا خوفه منه : يا لوط إنا نأمرك – بإذن الله تعالى – أن تخرج من هذه المدينة التى تسكنها مع قومك وأن يخرج معك أتباعك المؤمنون ، وليكن خروجكم فى الجزء الأخير من الليل لا تَخَفْ، وسر أنت وراءهم؛ لئلا يتخلف منهم أحد فيناله العذاب، واحذروا أن يلتفت منكم أحد، وأسرعوا إلى حيث أمركم الله؛ لتكونوا في مكان أمين.( فاَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ)
وأرسل الله تعالى جبريل عليه السلام إلى القوم الكافرين فرفع قراهم وقد كانت أربع أو خمس رفعها بريشة واحدة من جناحه إلى عنان السماء حتى سمع أهل السماء أصوات القوم وصياحهم ثمّ جعل عاليها سافلها وهوى بها في الأرض ثمّ أرسل الله تعالى عليهم الصيحة وأمطرهم بحجارة سجّيل من السماء تنزل على الرجل فتدفعه وتقتله وقد لحق زوجة لوط العذاب فهلكت مع من هلك.


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com