لم يخطيء الفنان عبادي الجوهر عندما غنى للشاعر طلال الرشيد رحمه الله عليه قصيدة كل العواذل.
نحيا في مجتمع سقيم، يبهرونك بطيبهم ويطعنوك في ظهرك، يستخرجون أسوأ مافيك ثم يلقوا باللوم عليك. والمضحك في الأمر أن من يصفق لك في حضورك هو ذات الشخص الذي يذكر عيوبك وينتقد شخصك في غيابك.
إن أخطأت يعايرونك، و إن تمعنت فيما يفعلون وجدتهم يقلدونك .. يعطوك من طرف اللسان حلاوة، و إن ودعتهم بكلامهم اللاذع رموك .. يتظاهرون بالمثالية بإتقان، و عندما تقترب منهم يثور في وجهك من سوء أفعالهم بركان .. لا فرق عندهم بين الكذب و الحقيقة، صدق فيهم قوله تعالى؛
“يقولون ما لا يفعلون”، و إن وجدوك لهم ناصحاً أعرضوا عنك و عادوا في غيهم سارحون.
صدق النوايا أصبحت نفاق، طيبة القلب أصبحت غباء. إحترامك لذاتك وترفعك عن المهاترات أصبح ضعف وقلة حيلة، و إن كنت منافق متحذلق بالكلام فأنت سياسي بارع من أصحاب الفضيلة.
أصبحنا مجتمع تحكمه الماديات بالدرجة الأولى. حتى مجال العمل أصبح مقصوراً على آيادي خفية تدير الوضع من تحت الطاولة كعصابات المافيا، أفراد يهدم بعضهم بعضاً لأجل المصلحة الذاتية ولو كان على حساب الوطن، نحارب من يسعى لتطوير هذا المجتمع لنحيا في ظل المادة.
نريد مجتمع منفتح ونطالب بالحرية ومازالت أفكارنا سجينة في أرصدة البنوك إلى متى هذه المهزلة؟
حتى القناعات الصادقة و المثل و المباديء الصحيحة أصبحت كالحلي المزيفة، أوسمة يتقلدها البعض وقت الحاجة لتحقيق أهداف شخصية فقط، ثم يضعونها في أدراج مكاتبهم الخلفية.
عرفت مؤخرا بأني حتى أكون إنسانة كول و ونسة يجب علي أن أطبل للجهلة، وأدوس مبادئي، و أمسح ملامح الشخصية، التي تميزني عن غيري من المنافقين و الجهلاء.
فعذراً يا مجتمعي السقيم !! قررت أن أعتزل تلك الفئة وما يدعون و أحافظ على قناعاتي، فأنا لا أجيد الكلام المنمق، ولا يستهويني لبس الأقنعة حتى أتلون بألوان تناسب كل فردٍ على حدى، ولا أنتمي لها بأي حال من الأحوال.
ما سبق ذكره في هذا المقال لا ينطبق على كل الأفراد في كوكبي. قال صلى الله عليه وسلم؛
“مازال الخير في أمتي حتى قيام الساعة” لكنهم قلة، وأنا أحيا بيقين قوله تعالى؛
“وكم من فئةٍ قليلة غلبت فئةً كثيرة بإذن الله”. و أختم قولي بما بدأت !!
فكل العواذل تتشابه..قلب ظلام ووجه يشبه للأصحاب..
بقلم / غادة ناجي طنطاوي
This site is protected by wp-copyrightpro.com