ماذَكَرَتْهُ هيلاري كلينتون في مذكراتها التي طرحتها بأمريكا مؤخرا أثار دهشتي، قالت كلينتون:
“دخلنا الحرب العراقية والليبية والسورية وكان كل شيء على مايرام، قامت الثورة وأطاح المصريون بمرسي والإخوان، وتغيرت الأحداث خلال ٧٢ ساعة، إتفقت أمريكا وأوروبا بالإضافة إلى ١١٢ دولة من دول العالم مع الإخوان على إعلان دولة إسلامية جزء منها يُعْطَىَ لحماس والجزء الآخر لإسرائيل لحمايتها. وضم بعض المقاطعات إلى السودان وفتح الحدود مع ليبيا، ثم قامت الثورة وحدث مالم يكن في الحسبان، لم نستطع التدخل بقواتنا، فجيش مصر قوي للغاية.تحركنا بالأسطول البحري الأمريكي، فرصدتنا غواصاتهم الحديثة، ثم حاولنا الإقتراب من قبالة البحر الاحمر ففوجئنا بسرب طائرات ميج 21 الروسية، والغريب أنه لم يتم رصدها من قِبَلِنَا، فعدنا خالين الوفاض..
إلتف المصريون حول الجيش، وحتى الآن لانعرف كيف نتعامل مع مصر وجيشها”.
وتقول هيلارى :
“إذا إستخدمنا القوة ضد مصر خسرنا، وإذا تركناها خسرنا قلب العالم العربي. إتفاقنا مع الإخوان كان ينص على تقسيم مصر ثم الإتجاه للخليج، بدءاً بالكويت، ثم السعودية ثم الامارات فالبحرين وعمان. بذلك نكون قد سيطرناعلى منابع النفط والمنافذ البحرية”.. ” مقتبس من مذكرات كلينتون”.
ذكرني حديثها بما صرح به ثعلب السياسة الأمريكية هينري كيسنجر في جريدة “ديلي سكيب” البريطانية.
فمنذ ٢٠١١ وهو يعتقد بأن مايحدث في العالم العربي ماهو إلا تمهيداً لحرب عالمية ثالثة يخرج منها منتصر واحد يحكم العالم.. أترك لكم حرية التخمين!!
ماأثار في قلبي الرعب، سؤال يتردد على مسمعي، ترى ماذا أعددنا نحن “دول الثروة النفطية” لمستقبل أسود كهذا؟؟ طبول الحرب تدق حولنا ونحن صمٌ بكمٌ فيما يتعلق بإنهاء خلافاتنا وتوحيد صفوفنا.. أما آن الأوان بأن نعي ما يدور حولنا !! أما آن الأوان لأن نضع خلافاتنا الشخصية جانباً و ننصت لما يدور في الأروقة السياسية المحيطة ؟؟
وضع العالم العربي اليوم مثير للشفقة.. إنقسامات طائفية تابعة لمصالح شخصية، حروب أهلية، فتن داخلية إنبثقت عنها هويّات فرعية مجهولة الهوية تجلت على السطح مؤخراً.
وكل ما سبق ذكره ماهو إلا حصاد لعمليات مرتبطة بالعولمة والتحرير الاقتصادي. و ما يطلق عليه اليوم عدة مصطلحات مثل الإنفتاح على العالم الخارجي و تقبل الآخر ماهو في الحقيقة إلا إخفاء لهوياتٍ قومية بحتة خلف ستار هوية معولمة أو “مؤمركة” ناتجة عن تفاعلنا مع تلك الإنقسامات إرضاءً لأطراف تسبب كوارث عظمى في عالمنا العربي كلما تدخلت بخطة لزرع السلام في المنطقة.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يحمي بلادي وبلاد المسلمين من شر فتنة الزمن القادم، و يرزق ولاة أمورنا البطانة الصالحة لما تقتضيه مصلحة الوطن..
بقلم: غادة طنطاوي
This site is protected by wp-copyrightpro.com