برزت المرأة السعودية في الكثير من مجالات العمل سابقاً، حتى عندما اقتصر العمل في بعض المجالات على الرجال. كان حضورها جلي و فعال رغماً عن العوائق الآجتماعية المحيطة بها انذآك.
و كان لهذا الحضور الواضح عدة أسباب منها ما أتى على الصعيد الشخصي لملئ الفراغ و تجاوز مشاعر الوحدة التي تُعاني منها، أو لتلافي الملل الذي تخلقه متطلبات الرعاية الروتينية للأسرة و المنزل. و البعض يسعى لتحقيق الذات، الإستقلالية عن التبعية للرجل، الرغبة في تحقيق حلم ما أو تقلد مكانة اجتماعية مرموقة.. على الصعيد الآخر لجأ البعض للعمل للحاجة لدخل مستمر يساعد على تخطي صعاب ظروف المعيشة، فُقدان المعيل للأسرة أو العجز عن اللحاق بركب سوق العمل لأيّ سبب كان، بسبب نمط الحياة المتطور الذي بات يُشكّل عبئاً حقيقاً على الأهل، و يجعل من عمل المرأة ضرورةً ملحة.
و قد عانت المرأة فترة طويلة من بعض المتشددين و قراراتهم المتعسفة المتعلقة بعمل المرأة، و قد حاولوا تضييق الخناق عليها تحت ظل حجج واهية، فابتدعوا شرط الاستئذان من ولي الأمر حتى في أبسط الأمور كإصدار الهوية الوطنية، ثم ابتدعوا مسألة ملاءمة العمل للمرأة في مهنة تتماشى مع أنوثتها فاقتسر وجودها على مهنة التدريس لفترة طويلة، و كان من النادر وجود مرأة تتقلد منصباً ادارياً في محيط مختلط بسبب نظرة المجتمع.
و عندما أتت رؤية ٢٠٣٠ لولي العهد الرائع محمد بن سلمان، ضربت بكل تلك القيود عرض الحائط و فتحت الأبواب على مصرعيها لتأخذ بيد المرأة و تعزز من مكانتها الإجتماعية.
مؤخراً قامت وزارة العمل و التنمية الإجتماعية بإلغاء قرارات وزارية و وضعت بنوداً جديدة تخص ساعات عمل المرأة في رمضان، توفير أماكن إستراحة و مصلى مستقل تضمن حريتها في التنقل داخل المنشأة، كذلك توفير حراسة أمنية خاصة بأقسام المرأة حفاظاً على أمنها و سلامتها، تسهيلات العمل في المنشئآت الصناعية و اشتراط العمل على خط إنتاج من جنس واحد، و أخذوا بالإعتبار ساعات العمل الليلية و العمل خلال رمضان حتى يتثنى للمرأة العمل براحة و بدون قيود.
قد يرى البعض أن إلغاء تلك القرارات و استبدالها فرصة عظيمة تزيد من رغبة السيدات في الإقبال على العمل، من وجهة نظري الخاصة لن تؤثر تلك القرارات كثيراً على رغبة المرأة في العمل، لكن ربما تساعد في زيادة نسبة الشريحة العاملة على مستوى فئة قليلة جداً من المجتمع. المرأة السعودية نجحت في تحقيق الكثير و أثبتت حضورها محلياً و دولياً في زمن غابت فيه تلك التسهيلات، و كان المجتمع ضدها في كثيرٍ من الأحيان، لكنها اجتهدت و حققت نجاحاً بارزاً سبق نجاح الرجل في الكثير من مجالات العمل، مما دفع الملك سلمان أطال الله في عمره لتعيينها في مناصب مهمة في الدولة كرئاسة البلدية و مساعدة وكيل وزارة، و ما زالت مستمرة في نجاحها، و لم تُعِر تلك العقبات يوماً اهتماماً و لا أرى تسهيلاً في مجال العمل النسائي يتحدث عن نفسه بوضوح أكبر من رؤية ٢٠٣٠ لصاحب السمو محمد بن سلمان و للملك المفدى سلمان بن عبدالعزيز.
بقلم: غادة ناجي طنطاوي
This site is protected by wp-copyrightpro.com