هناك كُتاب حين أقرأ لهم أشعر وكأنني أقرأ خبر عابر في صحيفة، وكأنني أُنصت لنشرة الأخبار اليومية أشعر بأنني أتصفح تلك الأوراق بروتينية مملة وإن كانت كتبهم، كلماتهم محشوة ببلاغة المفردات وفصاحة المعاني مهما حاولوا المُبالغة في إظهار أبجديات الألم ! ومهما زخرفوا صفحاتهم بأفكار خارقة للمألوف، بأحرف مُنمقة إلا أنني أمرها بصمت وأغادرها بصمت مُقيت دون أن يبقى لها في ذاكرتي أي أثر
وهناك كُتاب حين أقرأ لهم ! تبكي كل حواسي على ضفاف قصائدهم الحزينة وأسافر لحدود الغيم على طيات سطورهم الحالمة واقعية معانيهم تُصيبني بمقتل، تستوطنني ثورة الشعور من أول حرف يُكتب إلى آخر مسافات البوح وإن كانت مفرداتهم إعتيادية وإن كانت لغتهم بسيطة وإن كانوا لا يستعرضون مهاراتهم اللغوية إلا أنهم حينما يكتبون ! يتجردون من كل القيود مما يقوله الآخرون، مما يعجبهم ومما لا يعجبهم ويحملون حقائب مشاعرهم ويُقلعون بكل مايمتلكون من إحساس على عاتق الكتابة .. من السهل أن تعثر على كلمات بليغة تحشو بها نصوصك وتُبهر بها الأعين !
ولكن من الصعب جداً أن تُلامس كتاباتك وجدان القارئ إلى حد يشعر فيه بأنك تُحاكي نبضه، تغوص في محيطات أعماقه وكأنك تُشاطره تفاصيل حياته وكأنك تجوب مدائن عقله وكأنك تختصر العالم كله في عينيه بكل مافيه من تناقضات في عدة سطور، وكأنك جزء منفصل عنه في مكان آخر.
بقلم : نجلاء حسن
This site is protected by wp-copyrightpro.com