لله ما أخذ وله ما أعطى … سيرة المرحوم الشيخ عبدالحفيظ ملك مكي
18 يناير 2017
0
223938

كان الشيخ قدوة في الحِلم، والتواضع، والعبادة، مقبولا بين الناس، ويتقبلهم كذلك، بمختلف طبائعهم.
كثير العبادة، لم أره يفوّت النوافل، وصلاة الليل، والسنن الرواتب، والصف الأول والتكبيرة الأولى حينما كان يعتكف في المسجد.
لم أره يتفوّه بكلمة غير مهذبة، كان يقول الخير دائما، ويفعله، ويرغب الناس بالخير وفي الخير، يسافر لأجل الخير، يجالس الناس للخير، ويغتنم كل فرصة تنمّي الخير وتنشره.
يقدّم يد العون لكل محتاج، بل ويدل المحتاج على أناس يبذلون الخير للمحتاج، لم أر أحدًا قط خرج خائباً من عند الشيخ، كان بشوش الوجه، حسن الحديث، مع كل مَن يأتي إليه، يتحدث بخلق حسن، ولسان طيب، ولا يقول إلا الحق، بكلمات مهذبة، يتقبلها كل سامع، ويرضى بها.
أثره في الناس عجيب، ينصح بأساليب مؤثرة تغير حياة الفرد بإذن الله، لم يكن بحاجة إلى نبرة عنيفة لينبّه الآخرين على فعل خاطئ يقومون به، كان يكفيه تلميح، نظرة أحياناً، ربما ترديده لـ “الله الله” حتى يدرك المخطئ أي خطأ قام به، فيتوب عنه.
طالما إعتنى الشيخ بإتحاد الأمّة، إتحاد العائلة، الأحزاب، المذاهب، الأجناس، في كل فرصة ممكنة، كان يتحدث عن أهمية الوحدة، ونبذ الخلاف الذي يؤدي إلى شقاق وفتنة، لذا؛ إجتمع إليه الناس بمختلف المذاهب والأفكار، وجالسوه، وتأثروا بحبه للفرد المسلم، بغض النظر عن مذهبه وفكره.
يقضي الشيخُ اليومَ بأكمله، دون أن تضيع منه لحظة، إما في صلاة، أو درس، أو كتابة، أو إكرام ضيف، أو سؤال محتاج، أو عيادة مريض، أو صلة رحم، حتى في أسفاره الطويلة، والقصيرة، كان يصلي النوافل وهو في السيارة وفي الطائرة، ويكتب، ويحقق ويراجع مختلف الكتب، عن التصوف والحديث والآثار ونحوها.
كان فطنا حينما يراجع، دقيقا، يراجع أكبر عدد من الصفحات في وقت أسرع مما يتوقع الواحد منا، ولكن بدقة فائقة، لا يتوقعها أحد.
كان كثير التصدق، والعطايا، لا يبقي لديه شيء، في أحيان كثيرة، تأتيه هدية نقدية في الظهر، يصرفها قبل أن تغرب الشمس كاملة، ينفقها في سبيل الله، حيث تنفع، دائما وفي كل أموره، كان يرى الآخرين أولى منه، وأكثر أحقية منه، في الصدقة وفي غيرها من تفاصيل الحياة اليومية، حتى لو شعر بالبرد في مجلس ما، لا يغير من درجة حرارة المجلس، لأجل الآخرين، ربما أصابه الزكام، لكنه لا يقوم بشيء معاكس لرغبات الناس.
لن أوفي حق سيرة الشيخ هنا، لا يمكن، لا يمكنني كتابة كل ما أستحضره، بالإضافة إلى ما يراه ويتذكره الآخرون، لم نفقد مجرد عالم، أو عابد، أو محقق، لقد كان الشيخ هو الإنسان الذي يقال فيه “إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء”.
رزقه الله الصفات الصفيّة التي يرزقها عباده الصالحون، من العلم للحكمة للعبادة للأخلاق الحميدة، فكل لحظة يمضيها الإنسان معه، يجد بوضوح أثر تلك الصفات، بل إن مجرد الجلوس في مجلسه؛ يشعرك بالراحة، وتتعلم، ويلين قلبك، كان شيخي مصداقاً لقوله تعالى “إتقوا الله وكونوا مع الصادقين”.
إنني وبكل حزن، وبإيمان بقضاء الله وقدره، أرثي نفسي وروحي على هذا الفقد الكبير، ونعزي أنفسنا، أنه كان قد نذر حياته لله، وذهب إلى جوار ربه وهو في سفر، لأجل إعلاء كلمة الله، ونشر تعاليم الدين الصفيّة.
القلب يحزن، والعين تدمع، وإنما يُقبض العلم بقبض العلماء، اللهم أرحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه، واجزه عنا وعن الأمة خير الجزاء، على ما قام به، من خدمة للحديث والفقه والتصوف، واجعله في عليّين.
“سلامٌ قولاً من ربٍ رحيم”.
الشيخ معاوية ملك

في المكتب الخاص مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ والمرحوم رئيس حركة ختم النبوة العالمية شيخ عبدالحفيظ ملك مكي
المكتب الخاص للدكتور عبدالرحمن السديس حفظه الله والمرحوم عبدالحفيظ المكي

قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com