الآن و بعد 2016/9/9م، حين بدٱت مرحلة مرتقبة من المواجهات المالية و القضائية مع امريكا.. و ذلك بعد صدور قرار البرلمان/(الكونگرس) على مستوى جناح مجلس النواب؛ و بعد ان كان قد تم إصدار اخيه في جناح مجلس ‘الشيوخ’ منذ شهر مايو، القاضي بالسماح بمقاضاة السعودية، على المستوى العام..و بعض الأفراد.. فهذه بداية لتسونامي.. و طامة لا يعرف على وجه التحديد حجمها و منتهاها!
و املي، و هو معقود بتوقعي، هو في اتجاهنا و رغبتنا و قدرتنا على اتخاذ الخطوات الفاعلة لقطع الطريق على مواقع و مصادر المخاطر المحيطة بنا..
و الآن و قد صدر قرار النقض بقلم الرئيس اوباما لقرار گاستا/جاستا من البرلمان الٱمريكي/الكونگرس (و هذا الاجراء، مع صحته و حق الرئيس فيه، الاّ انه غير ‘نهائي! و هنا لزم التحذير و التببيه(!)
فإنه من حق (البرلمان/الكونگرس)، في المقابل. ان يعاود المحاولة، و يعيد التصويت، حتى لمرة واحدة (اذا تحقق الحصول على 67صوتاً، ثلثي مجموع اعضاء مجلس الشيوخ، 100)؛ فعندها، و في تلك الجولة، يكون قرارهم نافذاً و منفذاً.. رضي الرئيس ام لم يرضَ.
☆ و نظرة الى جذور الموضوع؛ فلقد كانت قد تأصلت مع اقرار مرسوم.تشريعي لمسودة قرار من اعداد السيناتور سپيكتر (منذ اكثر من عقد من الزمان)؛ و كانت تلك لبنة جدار يهدف إلى عزل المملكة؛ و ربما الى ما وراء ذلك!
فعلينا -على كل المستويات- أن ننتبه و أن نتنبه. و علينا الحذر من الغفلة و عدم التمادي في الربت على أكتاف أنفسنا وبعضنا. و علينا تحاشي التجاهل و التغاضي؛ بل يحسن ألاّ نقبع في مكاننا فلا نفعل ما يلزم و ما يكفي من تغيير المسار أو تبديل النمط و الأسلوب أو تسريع اعادة الترتيبات.
و في مقال بالانگليزية بقلم الكاتب ستيفن شوارتس، بعنوان ‘قانون محاسبية المملكة العربية السعودية 2005م: الكونگرس يحاول أن يحاسب السعودية’؛ جاء فيه تكرار توجيه الأصابع التي وُجهت إلينا عقِب احداث 11 من سبتمبر.. و ذلك إضافة للتنويه في مواضع أخرى عن ‘سوء-معاملة’ الخادمات و الممرضات؛ و ‘عدم التعاون بما يكفي’ في تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالية؛ و عدم مناسبة المناهج الدراسية و أنها تسهم في تنشئة العنف.
فيأتي قرار مجلس الشيوخ US Senate Resolution S.1171، ليــَضربناَ في مَقتل. و هو موجود و محفوظ و منذ اكثر من عقد من الزمان.. و كان في ثنايا ‘فريزر’ الكونگرِس و في اضابير الحكومة الأمريكية.. حتى بروز الحاجة او بالأحرى حلول لحظة الانقضاض المناسبة. و لقد بدأت الآن.
في الدول الديموقراطية يكون ‘الرئيس’ -الحالي او الذي يخلفه- (ملزماً) بتنفيذ قانون البلاد، و هو ما يشرِّعه نوابُ الشعب؛ فحتى و لو كان الرئيس مستقلاً أو من حزب مغاير).. و حتى مع الاقرار بمبدأ ‘الفصل بين السلطات’؛ و حتى لو فكـّر بصلاحياته و استحقاقاته، إلاّ أن القول الفصل في نهاية المطاف يبقى للشعب.. و القول هو ما يقوله، سواءً في حيز المشورة أو في مضمار القرار!
لقد قام السيناتور آرلِن سپيكتر، Senator Arlin Spectre بإعداد مشروع القرار هذا، حينما كان عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية پـِنسلڤانيا؛ و هو ‘سيناتور’ جد مؤثر و مخضرم. كما و لقد كان قد أنضم -في تلك اللجنة- مؤازرون له للتوقيع معه على مسودة المشروع، فكانوا 6 أعضاء من زملائه في ‘مجلس الشيوخ’.. من مختلف الشرائح الممثلة في الكونگرِس.
و جاءت مسودة ‘القرار’ بمجموعة خطيرة من التهم في صيغة موجزة لكنها متعددة الجوانب، اختزنها و اختزلها مُعدُّ القرار و الموقعون المشاركون. و كان بدء لب ذلك القرار: المطالبة بأن تنفذ المملكةُ قرارَ الأمم المتحدة UN Resolution 1373، و هو القرارُ الذي يطالب الدول الأعضاء بعامة بالامتناع عن ‘دعم’ الإرهاب، مع المطالبة بـمقاومته’؛ و بالتوقف كليةً عن تسهيل (أي) ملاذ آمن للإرهاب.
و هذا القرار أيضاً يدوِّن استنتاج ‘مجلس العلاقات الخارجية’ بأننا كنا قبل 3 سنوات من ذلك التأريخ ‘المَصْدر الرئيس لدعم القاعدة’؛ و أن طلبات الحد من ذلك لم تلق من المسئولين أذناً صاغية بصفة جدية؛ كما تضمَّن القرار أيضاً الإشارة إلى تقرير جاء فيه أنه ‘لم يتم القبض على أي مواطن قام بالتمويل؛ كما لم يحاكم أو يعاقب أحدٌ علناً’.
و واصل مشروع القرار سرد عدة تقارير مثل ‘تقرير لجنة 11 من سبتمبر’، بما يشمل الإشارة إلى أن 15 من الـ19 المتهمين بتنفيذ تفجيراته كانوا من السعوديين؛ و كذلك الإشارة لـ’جلسات الاستماع’ العامة في لجان الكونگرس عن ‘الوهابية’، و عن المساهمة ضمن تمويل ‘حماس’ بما مجموعه 4 مليارات دولاراً منذ بدء الانتفاضة الثانية في 2000م.
و رغم خطورة كل هذه الدعاوَى، إلا أن القرار يقول –أيضاً، أننا ‘لم نقدم التزاماً فاعلاً في مجهودات أمريكا في مكافحة الإرهاب’؛ بل اتهم القرار المملكة بالتواني في التحقيقات عن تفجيرات أبراج الخبر في 1996م التي قـُتل فيها 19 أمريكياً؛ ثم يذكر ‘ممانعة المسئولين في تمكين المحققين الأمريكيين من التحقيق مع مُواطن سعودي معين ‘لديه معلومات’ عن مخطط لنشر غاز سام في مترو نيويورك؛ (إضافة إلى عدة دعاوى أخريات).
و كان كل هذا جاهزاً للتفعيل في اي لحظة، و عند حصحصة اللزوم. و الخطورة هنا هي أن مشروع-قرار السيناتور سپيكتـر (كان) قد تم تقديمه أيضاً في مجلس النواب، القاعة الأخرى بالكونگرس الأمريكي ليقدم بالتالي للرئيس كتوافق و في شبه إجماع من مجلسيه؛ و هذا ما تم تحقيق التصويت عليه في يوم الجمعة، 2016/9/9م قبل يومين من حلول المناسبة الـ15 لحادثة 11 سبتمبر/ايلول.
و لقد طالب القرار بضرورة إلزامنا بالتعاون التام و الفوري و الكامل -داخل المملكة و خارجها- في حملة أمريكا ضد الإرهاب، بما يشمل الإغلاق الكامل للجمعيات الخيرية و المدارس و المنظمات و المؤسسات الأخرى التي ‘تساهم من قريب أو بعيد’ في دعم الإرهاب.
و لضمان تحقيق محمل الجِد، فلقد شمل نص ذلك القرار سرداً لعدد من العقوبات (المنتظرة)، بدءاً بمنع توفير المعدات التقنية العسكرية للمملكة، و تحديد مجال تحرك دبلوماسيينا في حدود 25 ميلاً حول موقع السفارة في واشنطن؛ و كذلك البعثات القنصلية.
فلنكن واعين متيقظين؛ و لنذكر -مثلاً- أن القرار (#1559) الذي وُجـِّه إلى سوريا) دفعها أخيراً الى الانسحاب من لبنان؛ و لقد كان في (سلسلة من عملية) ‘نزع اللبنة تـِلوَ اللبنة’.
و كذلك كان في أفغانستان، فلم يحدث الهجومُ بين يوم و ليلة؛ بل كان مرةً بتسليط الأضواء على الأفيون؛ و مرة على التسلط الفادح على المرأة؛ ثم على التدمير المخجل لمعبد ‘باميان’؛ بل و حتى على منع الأطفال من اللعب بالطائرات الورقية؛ و منع المرأة من العمل؛ وحرمان البنات من التعليم..إلخ. (هذا إضافة إلى إيواء سيء السمعة -صاحب تورا-بورا. ثم واصلَ الطالبان نصب حبال مشنقتهم بأنفسهم و على مدى 6 سنوات).
ثم كذلك كان الوضعُ للأسف في العراق؛ فبعد أن طغى زعيمه في البلاد، و تمادى أذاه حتى داخل الحدود ضد مواطنيه؛ ثم كرر أذاه و عدوانه خارج العراق، ضد ايران ثم ضد الكويت. و بعد عدة هزائم؛ و بعد حصار طويل مدمر. (نعم، وبعد أدعاء باطل، و ‘كذبة كبرى’ عن ‘أسلحة الدمار الشامل’)؛ إلا ان دابة الأرض قامت و ازالت نظامه.. و تم شنقه!
و حدث تطور نحونا عارض في متاهة الطاقة النووية غير المدنية. فإذا بنا نسمع مطالبة أمريكية، بلزوم التفتيش على المنشئات النووية عندنا (..كما لو كنا كوريا الشمالية!) كان ذلك (إبـّان)سماعنا عن صاحب ليبيا الذي نفذ بجلده بنباهة نادرة، فانسحب عن منشآت الدمار الشامل قبل أن يُسحَب هو!
كما و لقد ظهر مقال لجورج جاهن في 15 من يونية/حزيران، 2005م: نوّه بأن السعودية ترفض نداءات للتفتيش عن الاسلحة النووية.. هكذا! (وعلينا أن نتذكر أن احتلال العراق ذاته كان مبنياً على ‘كذبة’ أسلحة الدمار الشامل؛ و لقد تم الاحتلال حتى بدون قرار محدد من مجلس الأمن)!
و تنبيهي هنا هو ازاء امر جديد في هذه الأيام، و هو تلويح نُسب الينا بسحب كل او جل ودائعنا المالية(حوالي 750مليار$)؛ و هي الودائعُ المحفوظة في خزانها للإستفادة منها في سيرورة و صيرورة تعاملاتها القومية و بما يؤثر في نوعية رفاهها!
و جاء انذارُنا بالسحب (مرتبطاً) بما ينجم عنه نقاش برلمانها و قضائها و إذا ما تم توجيه تهمة نحونا كمساهمين في احداث 11 من سبتمبر!
و في هذا احتمال خطورة. فالعدوان على العراق في9/إپريل، 2003م لم يكن لتدمير اسلحة الدمار الشامل المزعومة؛ و لا لمجموع المبررات الأخرى في عراق صدام؛ بل كان لإنهاء صدام و نظامه…(قبل) تنفيذه قراراً كان مرتقباً و كان ينوي تنفيذه: فلقد كان يزمع تغيير عملة التعامل النفطي (من الدولار الى اليورو)، مما جعل بوش الصغير يجنّ جُنونــُه! فأقدمت امريكا على اسقاط نظام صدام برمته.!
و الآن،
و قبيل بدء الانتخابات الأمريكية العامة الرئاسية، و قرب بدء رآسة جدبدة؛ و مع تكامل مثلث:
1. و حتى لمجرد التلويح بسحب مدخراتنا من الخزينة الأمريكية، و استثماراتنا في امريكا؛
2. السماح بنشر الـ28صفحة المحجوبة سابقاً من تقرير 11/سبتمبر (..و هو المنوّه فيه بنا)؛
3. إقرار الكونگرس مبدأ المحاكمة و المقاضاة العامة ضدنا، و الخاصة بضحايا 11 من سبتمبر.
فبذا يتنامى سنامُ التوتر! و يحسن معالجته و التعامل معه بحكمة و تؤدة.. و لا شك عندي في سعة حكمة مسؤولينا في التعامل مع مواطن الاهتمام هذه.. و في معالجتها.
بقلم: د.ابراهيم عباس نــَتــّو
عميدسابق بجامعةالبترول.
This site is protected by wp-copyrightpro.com