قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ, فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ وَإِنْ شَاءَ تَرَك.
في الآونة الأخيرة تلقيت أكثر من دعوة لحضور مناسبات مختلفة، حفل عشاء، حفل زفاف، خطوبة عائلية و احتفال بمولود جديد، لكني اعتذرت عنها جملةً و تفصيلاً، مع أني أؤمن بأن للمسلم على أخيه المسلم حق تلبية الدعوة، و الحق فعل يثاب فاعله و لا يعاقب تاركه.. لكن ما يزعجني أصبح يتعدى صفة التكلف و المبالغة في تلك المناسبات، جميعها أصبحت واقعة تحت مسميات خاطئة.
حفل زفاف يكلف ملايين الريالات تحت مسمى
“من حقي أسوي فرح” و العالم يتضور جوعًا، و لو أنفق كل ذي سعةٍ من سعته لتلافينا على الأقل جزءاً بسيطاً من هذه المعضلة، ناهيك عما يترتب عليه من أمورٍ خاطئة تأتي على شكل سلسلة أحداث تبعًا لذلك المسمى، بدايةً من الحضور المتأخر جدًا لهذه المناسبة و الذي يصل أحيانًا للساعة الثانية عشر من منتصف الليل تحت مسمى “السهرة صباحي”، مرورًا بإصرار صاحب الدعوة على المدعويين بالبقاء حتى موعد تقديم العشاء و إغلاق بوابات الخروج تحت مسمى
“لازم تتعشوا”، و كأن حضور المناسبة أمسى عقابًا لمن حضر، وصولًا إلى صوت مكبرات الصوت التي تشكل قمة في الإزعاج للحضور و للسكان المجاوريين لمكان الحفل تحت مسمى ” حتى لا يمل الحضور”.
احتفال بمولود لا يتعدى عمره أيام بمظاهر ترف غير معقولة تحت مسمى ” نبغى نفرح بالبيبي” يتسابق الجميع على جلب الغالي و النفيس من هدايا توزع على الحاضرين، قائمة أكل مميزة، إلى أنواع شوكولاتة تستوردها الأم من لبنان، دبي أو سويسرا لتبهر ضيوفها تحت مسمى “أريد أن أكون مميزة” متناسيين أن هذا الطفل الرضيع يحتاج حضن أمه التي غالبًا ماتكون مرهقة بعد هذا الحفل، و لا ننسى مأساة ذلك الطفل و هو يتنقل من يدٍ لأخرى في جو غير صحي بتاتًا.
أين اختفى مفهوم الفرح الصادق الذي ينص على مشاركة من يحبونا و يتمنوا لنا الخير بعيدًا عن مظاهر البذخ الفارغة؟؟ و لماذا ضاع مفهوم البساطة الآن و ان كان جديرًا به أن يظهر الآن في ظل ما يعانيه العالم من أزمات اقتصادية؟؟
لا حرمكم الله من أفراحكم و أدامها بوجود من أحببتم، لكن أما آن الأوان حتى نحتفل بطريقة معقولة تحت مسميات صحيحة..!!
بقلم: غادة ناجي طنطاوي
This site is protected by wp-copyrightpro.com