في زمننا الحالي أصبحت أمور كثيرة تفتقد حقيقتها رغم ماكان لها من قداسة ومكانة ، وَمِمَّا لاشك فيه ان الانسان بتركيبته الطبيعة لا يتجزأ عن مشاعره التي تترجم انسانيته وتعامله مع من حوله ، فالمشاعر هي الشيء الوحيد الذي مهما تبدلت الظروف وتغيرت مفاهيم الانسان في أزمنة مختلفة تظل في الريادة ولها قداستها المختلفة
فإن تجرد الانسان من المشاعر انسلخت منه كل القيم وبهذا أصبح جسداً بلا روح .
نتفق إلى هنا في هذا الامر ، لكن للاسف الشديد هو اتفاق معرض للاختلاف ، وهذا ما ألمسه في واقعٍ مرير فقد اصبح للمشاعر سوق تباع فيها .
نعم أصبحت المشاعر للبيع فانتهى مفهوم الانسان لنفسه واستقراره الداخلي بسلام تام لكمية رصيد من مشاعر تختلف من شخص لآخر ، كل شي مجرد كلام أصبح في وقتنا الحاضر ، فسوق المشاعر اصبح يملك رصيد كبير من هذه الفئة التي أصبحت تبيع وتشتري كيفما شاءت في احاسيس ومشاعر كرمها الله بطريقة خاصة .
وهنا يُطرح سؤال إن كان الوضع وصل الى هذا الحد ، كيف نتعايش مع بَعضُنَا ؟
ونقف أمام هذا السؤال الذي يحمل بمضمونه كارثة إنسانية ينتج عنها انعدام الثقة فيما بيننا وتلاشي المشاعر الانسانية التي تُبنى عليها أسمى العلاقات ، وتصبح مشاعاً لكل من هب ودب ، وماذا بعد ؟!
لا أدري فالحروف تهرب مني وأنا أحاول أن أصل الى شواطيء أمان بين هذه الزوبعة التي تفتك بقلوب نقية ان وجدت نفسها سلعة تباع انتهت وقتها .
وماذا عن تجار هذه السوق ؟
برأيي لا يحق ان يُطلق عليهم صفة الانسانية من الأساس ، فمن يستطيع ان يسلك هذا الطريق المظلم ويغير في سنة كونية بطريقته الظلالية بطمس معالم المشاعر المقدسة وعرضها للبيع والتبديل فحتماً لا ينتمي للانسانية بتاتاً .
رفقاً بمشاعركم ومشاعرنا فالحياة قصيرة وأقصر مما نتخيل ، إن لم يكن نبض قلوبنا ينبض بالحب وبتقديس أركانه فهذه دلاله على بداية انحدار سحيق قد لا نعي عمق الخسائر الا عندما يمر الوقت وتنتهي مهلة لن تعود أبداً لنحيا بمشاعر هي من تقيمنا كإنسان .
بقلم : د. وفاء ابوهادي
رئيس مجلس ادارة شبكة الاعلام السعودي
This site is protected by wp-copyrightpro.com