عُرِفَ الطلاق في اللغة على أنه إرجاع الشيء وتركه، أما في الإصطلاح فهو حل وثاق النكاح بقولٍ أو مالٍ بصفة معينة. لقوله تعالى ؛
” الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان”.
هذا ما درسناه في الشرع واللغة، أما تعريف الطلاق في المجتمع العربي فيختلف تماماً، فهو ببساطة عاهة مستديمة تصيب النساء فقط بإختلاف أعمارهن، مرضٌ عضال كالسرطان، ينهش خلايا المرأة المطلقة فكرياً و نفسياً و إجتماعياً.
نحن في الألفية الثانية، ومازلنا نحاسب كل مطلقة على أخطاء لم تقترفها، ونخالف قوله تعالى :
” ولا تزر وازرة وزر أخرى” جهرا. وليس هذا فحسب، بل يبدأ الفضول يدور في جميع الأعين بحثاً عن أسباب الطلاق التي لا تعني أحد سوى الزوجين.
وهذه فقط هيا المرحلة الأولى، تليها مرحلة إصدار الحكم، فتوصم المطلقة بصفاتٍ ما أنزل الله بها من سلطان. نسمعها في مجالس النساء عامة.. مهملة، غير مسؤولة و لا بد من أن هناك أمر سيء طُلِقَت بسببه. وتبدأ الإتهامات جزافاً.
ثم تأتي مرحلة فرض العقوبات، أنت مطلقة يجب أن تكوني حذرة متى تتحدثين!! وكيف ومع من !! ويفضل لو تعتزلي جميع الرجال إتقاءً للشبهات، حتى لا تكوني لقمة سهلة سائغة تسد جوع بعض النفوس المريضة. أيضا يُحَبَذ لو ترتدي ملابس الراهبات ذات الألوان القاتمة، حتى لا يتفوه البعض بكلماتٍ تجرح أنوثتك، ويفضل أن تلزمي المنزل لتصابي بتوحد إجتماعي حتى ينسى الناس أنك مطلقة فلا يطمع بك من في قلبه مرض.
أما على صعيد الزواج مرة أخرى فحدث ولا حرج !! بما أنك مطلقة ستحرمين من حق الإختيار في المرة الثانية، يجب عليك قبول ما يتوفر لك من عروض الزواج، رجل خمسيني مريض يحتاج ممرضة وإن كنت في عمر الزهور، زوجة ثالثة أو رابعة فقط ليتحقق شرط السترة في نظر المجتمع، أو رجل جاهل متعسف فقط يريد أن يكمل نصف دينه. والحذر الحذر من أن تكوني مدخنة أو شخصية إجتماعية عامة، فهذا أول سبب من أسباب الطلاق في نظر الكثير من الجهلة. هذا إن كنت من القلة المحظوظة التي نجت من زواجٍ فاشل بدون أطفال.. ففي الحالة الثانية يبقى جميع ما ذكرته قطرة لأول الغيث.. رحماك يا ربي، وهذه أصعب المراحل، التي تبدأ فيها حرب الأطفال. لأنك طالبت بحقك الذي منحك هو جبار من فوق سبع سماوات، يجب أن يعاقبك المجتمع .. فأنت غير سوية، لم تصبري على زوجٍ فاسد، ولم تفني عمرك مرضاةً لزوجٍ ظالم .. لذا تكون أول الخطوات هي حرمانك من فلذات كبدك، السبب الوحيد الذي ربما كسر عزتك وشموخك لتتحملي حياة قاسية تحت التهديد والوعيد المستمر بحرمانك منهم في حالة الإنفصال، ثم يأتي موضوع النفقة، إن كنت حظيظة وحصلتي على حق الحضانة بدون أي مساومة ممن يرتدون عبائة الشريعة في محاكم الجور و إنتقاص النساء والمماطلة تحت شعارٍ فاشل وسقيم يسمونه إصلاح ذات البين !! الذي أسميه إنقاذ ما لا يمكن إنقاذه !!وآخرها، لربما تحصلين على حق زيارات قليلة تقع تحت رحمة الأب وتعتمد على مزاجه وعلى مناسباته العائلية، وبالطبع في الأعياد و رمضان والمناسبات الخاصة يتفضل عليك بإرسالهم آخر اليوم بعد أن أخذ التعب منهم ما أخذ، ليرجعهم صباحاً، فهناك المزيد من مناسبات الغذاء في بيت جدهم لأبيهم، وبما أنهم يحملون إسم الأب ولقب عائلته فبالطبع هم الأهم، أنت لم تكوني الا وسيلة لإنجاب هؤلاء الأطفال.
إعترضوا كما شئتم، وقوموا بإنتقادي، و لكن هذه هي الحقيقة المرة التي تدور في أروقة محاكم الطلاق يا سادة.. الله الواحد الأحد يهب المرأة الحق في الطلاق والخلع ممن عافته نفسها فيأتي مجتمع سقيم يتبع منهجية العاهات والتقاليد و قضاة يظهرون خلف مشالح الشريعة ليعاقبوها.. إلى متى ستستمر هذه المهزلة؟؟
بقلمي/ غادة ناجي طنطاوي
This site is protected by wp-copyrightpro.com