الصورة المصاحبة هنا تظهرُ زياً يظهر و امثاله عادة في عدد من الاحتفاليات التراثية الفـُلكلورية اليابان. و تختلف تصاميم و زركشات و الوان هذه الأزياء من مناسبة لأخرى و من موسم لآخر.
و بالطبع، يرتدي النساء ايضاً مختلف الملابس و اشهرها (الكيمونو).. و هو الرداء الذي يغطي كامل الجسم دون فضفضة؛ بل و يضاف عليه عادة حزام خاص و عريض ليضم الملبس للآبس و خاصة حول الخصر.
اما الصورة هنا فمأخوذة في مناسبة احتفالية يابانية عن عرض فيلم سينمائي كان عنوانه: Family Survival شمل ثيمةً تنمّ عما المَّ بالشعب الياباني من عنت و عناء أثناء إنقطاع التيار لمدة طويلة جَرّاء هزة الزلزال الذي وقع في منطقة (كوبي Kobe) في جنوب شرق جزيرة (هُنشوو) في 1995م (وحاز الفلم على جائزة كبرى في 2005م)
و أثناء مشاركاتي بحضور هكذا مناسبة أسعى عادة إلى تعاطي ما يمكن و يناسب من مفردات في اللغة اليابانية مما كنت قد تعلمته قبل ربع قرن أثناء قيامي بالتدريس في جامعة البحرين.
ففي تلك الأيام، كانت قد سنحت فرصةُ لتعلّم اللغة اليابانية. وكان ذلك نتيجة عمل حميد قام به احد البنوك اليابانية (نومورا Nomura)، حين قام بتقديم دروس في اليابانية لمنسوبي الجامعة. و كانت مبادرة ممتازة من تلك المؤسسة، المقيمة بالبحرين.. تلك الجزيرة ذات الابتسامة المشرقة و الشعب اللطيف المضياف. فكان أن تبنّت مؤسسة (نومورا) اختيار و استقدام موظف.سايق ياباني يقوم بتدريس اللغة اليابانية لغير المتحدثين بها؛ و كان النمط العام هو أن يبقى ذلك المدرس لمدة سنتين.. ثم يعقبه مدرسُ آخر.
و اكتشفتُ ان اولئك المدرسين كانوا موظفين مسؤولين سابقين كبار.. بلغوا سن التقاعد.. فانضموا الى دورة مكثفة في تعليم اللغة اليابانية للأجانب، Gayjin، و بذا أصبحوا اثناء ادائهم عملهم خير رُسل و ممثلين لبلادهم في الخارج لمدة سنتين لكل معلم.
و اثناء تعلم اللغة اليابانية، فإنه و مع كل الصعوبات و الاختلاف الجذري شكلاً و تركيباً و مضموناً.. ففيها متعة، و اثارة و تحدٍّ.
و كما هو معلوم، فإنّ الولوج في لغة ما يفتح ابواباً و نوافذ شتىّ.. حتى أنها تشمل ما وراء تعلم اللغة بالذات؛ بل تتسع إلى الالمام بثقافة ذلك البلد و تراثه و منعطفات الفنون الجميلة؛ و كذلك النواحي الاجتماعية و الاقتصادية وانماط تفكير الناس و مناحي حياتهم بعامة.
و هذا المِعطفُ هنا يسمى(هوبي)، و هو واحد من المعاطف المختلفة المستعملة في مختلف المسيرات الاحتفالية الفلكلورية Matsuri خلال السنة؛ و تبدأ عادة في فصل الربيع.. ثم الصيف و مواسم الحصاد.
ففي مناسبة موسم فصل الخريف Akimatsuri، يأتي معطفه و يكون عادة باللون الأزرق، و عليه نقوشات في خلفه و في مقدمته لتشير للمناسبة.
و يحرص اليابانيون ليس فقط على حضور الاحتفاليات، بل و يصطحبون أطفالهم و كامل عوائلهم في مختلف الفصول و المواسم المناسبات الوطنية؛ و يتناولون مختلف المأكولات و المشروبات؛ و كذلك يقومون بشراء الألعاب و التحف و انواع التذكاريات؛ و يشاركون في انشاد الأهازيج الشديّة، و في أداء الرقصات الشعبية، فيقضون أوقاتاً جميلة في مناسبات وطنية يعمها الامتنان.. و في جو من الاعتزاز و البهجوان.
بقلم: ابراهيم عباس نــَـتــّو.
عميدسابق بجامعة البترول.
This site is protected by wp-copyrightpro.com