من يعيد صورة الاسلام في الغرب | هبة صقر
13 ديسمبر 2020
0
51084

 

حوادث مكررة ضد الاسلام في  الغرب وتحريض ضد المسلمين، وردات فعل عشوائية

وغير مسئولة تؤجج مشاعر الكراهية وتلهب الصراع بين أطراف لا علاقة لهم
بالأساس بالعمليات الإرهابية، وتنامي لموجات “الإسلاموفوبيا” والحركات
العدائية ضد الإسلام والمسلمين في الغرب
وقعنا البروتوكولات، وعقدنا المؤتمرات وأصدرنا التوصيات، وأرسلنا القوافل
الدعوية وتوالت الزيارات لتصحيح صورة الإسلام في الغرب، ولم تتحقق أية
نتائج ملموسة علي ارض الواقع، وعلى الجانب الآخر نجح الإرهابيون في ترسيخ
الصورة المشوهة حول الإسلام والمسلمين داخل الدول الغربية!
كيف نصحح هذه الصورة المغلوطة؟ وما سبل إنقاذ المسلمين من التجاوزات التي
تحدث ضدهم؟
أن ما عقد وما سيعقد من مؤتمرات أو ندوات معلوم سلفا نتيجتها وما تسفر
عنه، وأن الذين عقدوا وشاركوا في المؤتمرات والندوات المتعددة في هذا
البلد يعلمون النتيجة، وأنها لن تكون سوى شو إعلامي، ليبارك المغلوبون
على أمرهم الجهود المبذولة، والدعاء لأصحاب الحناجر بالمزيد من الخطب
والكلام المستهلك، وقد مضى عام أو يزيد على عقد هذه المؤتمرات والندوات
في هذا السياق، كما مضى أكثر من ذلك على بعث القوافل في الداخل والخارج،
لتكون النتيجة بعد ذلك كله: صفر لا شيء!.
تصحيح صورة الإسلام لم تعد مهمة أفراد أو جماعات أو مؤسسات في دولة
إسلامية، بل أصبحت دعوة عالمية، يجب أن تتبناها منظمة لها صفة العالمية،
لها برنامج غير عاطفي، لا يتخذ من الشعارات والبيانات والتصريحات منهجا
لمهمته، تجند للقيام بهذا العمل من صح فكرهم، ورسخ علمهم، وشُهِد لهم
بالمقدرة على ما يناط بهم، وأن لا تتوقف هذه الدعوة البتة، بحسبان أن
الخطر على الإسلام وأهله لا يأتي فقط من غير المسلمين، بل ربما كان أشده
خطرا ما يصدر من المنتسبين إلى الإسلام، وأن هذا الخطر لا تتوقف مظاهره،
بحسبانه يحقق غاية لدى ضعاف النفوس والمفسدين في الأرض، وأن يكون
للقائمين بتصحيح صورة الإسلام تلاحم واختلاط بغير المسلمين، ليمكنهم
انتزاع الصورة المغلوطة، التي استكنت في نفوس المسلمين وغيرهم من الإعلام
المغرض في الدول الإسلامية وغيرها.
بضرورة ان تكون في الشرق والغرب لقاءات مشتركة بين علماء دين مسلمين وغير
مسلمين، وإفساح المجال لعلماء الدين السماوي غير الإسلامي بالتحدث في هذه
اللقاءات، فإن بين الديانات السماوية مساحات مشتركة، لتأكيد أن الإسلام
لا يعرف العنصرية، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يؤكد هذه
الأمور المشتركة بين الديانات السماوية، إذ قال: (الأنبياء أخوة لعلات،
أمهاتهم شتى ودينهم واحد)، ومعنى: بنو العلات: بنو الرجل الواحد من أمهات
شتى، بما يعبر عن وحدة الأديان التي جاءت بها الرسل، ومن ثم فإن من عوامل
تصحيح صورة الإسلام إفساح المجال لغير المسلمين في التحدث عن الإسلام
وسائر الديانات بمحضر من المسلمين، لتصحيح الفكر المغلوط في نفوس غير
المسلمين عن الإسلام، بل إن من المنتسبين إلى الإسلام الذين لا تَزورُّ
عنهم عدسات الفضائيات، من لا يعرف عن الإسلام إلا قشوره.
التوصيات والمؤتمرات حبر علي ورق ولم تؤد القوافل الدور المطلوب فلابد من
تضافر الجهود بين المؤسسة الدينية والخارجية الجامعة الدول العربية بعد
أن نجحت داعش ونجح الفكر المتطرف في تشويه صورة المسلمين. إذا أردنا
تصحيح هذه الصورة فلا بد من قيام وسائل الإعلام المختلفة بدورها ولا نلقي
بالتبعية علي المؤسسة الدينية فحسب لان ما تبنية المؤسسة الدينية في عام
تهدمه داعش في لحظة.
يجب  ان  يكون لمؤسسات الدولة الحكومية والخارجية المصرية دور واضح
وملموس بالتعاون مع المؤسسات الدينية في مصر والعالم الإسلامي للتصدي
للهجمة الشرسة ضد المسلمين في الغرب مع فتح قنوات اتصال بين المؤسسات
الدينية في الدول الغربية والإفريقية لتصحيح صورة الإسلام بشكل فعال وقوي
بعيد عن الشعارات الرنانة التي لا تسمن ولا تغني من جوع مع ضرورة تفعيل
البعثات الخارجية بشكل صحيح والاستعانة بخريجي كلية اللغات والترجمة في
الخارج.
دور وسائل الإعلام ضعيف:
تصحيح صورة الإسلام  يجب ان تكون لأهل الداخل في البلد المسلم، مثل ما
تكون لغيرهم، ومن ثم فإن العبء ثقيل على من يقوم بمهمة تصحيح صورة
الإسلام في الداخل والخارج، ومن الأهمية بمكان أن يكون لما يلقى ويكتب في
وسائل الإعلام ضوابط، تتبنى مراعاتها جهة رقابية سيادية في الدول
الإسلامية، حتى لا تكون هناك جهة بناء، وجهات هي معاول هدم لهذا البناء،
حتى لا تتبعثر الجهود، وتحدث انتكاسة لما يبذل في هذا السبيل. بالإضافة
إلي تحقيق التوازن في القيم الإنسانية الأساسية المشتركة بين ثقافة
المسلمين وهويتهم الإسلامية والجوانب الإيجابية في ثقافة الغرب، بما يضمن
الاحترام المتبادل والعيش الكريم المشترك بعيدا عن التعصب الديني، وذلك
بغرض تعليم المسلمين لغة الدولة التي يستقرون فيها، للقيام بدورهم في
التعريف بالإسلام وتحسين صورتهم لدى الغرب من خلال اتصالهم وتواصلهم مع
أفراد ومؤسسات المجتمع، وإقامة الندوات لترسيخ معنى المواطنة لديهم
والتأكيد على أهمية “فقه الواقع” وبخاصة القضايا التي قد تعوق تحقيق
الاندماج الإيجابي في المجتمع.
يجب اعداد الأئمة والمفتين المرسلين إلى بلاد الغرب ليكونوا على معرفة
تامة بلغة وثقافة الغرب، وخطابهم الديني الذي يتماشى مع عوامل الزمان
والمكان، حتى يسهل حل القضايا الدينية والفكرية المستجدة في الغرب،
وبخاصة تواصلهم مع الأجيال الجديدة، وإرسال رسائل سياسية قوية من
الحكومات الإسلامية وجامعة الدول العربية تفيد بأن: الإسلام هو ثاني أكبر
ديانة في أوروبا ولا يمكن اعتبار أن المسلمين أقليات، فيجب دمجهم في
المجتمعات الغربية.

بقلم :هبة صقر معيدة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com