في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية … هل التكتل والاندماج هو الحل؟!
الراصد للمتغيرات الاقتصادية الحادثة على الساحة العالمية يجد أن اندماج وتكتل المنشآت أصبح ظاهرة واضحة، حيث تتجه تلك المنشآت لاتخاذ إستراتيجية قائمة على البحث عن القوة والفعالية حتى تجد لها مكاناً في الأسواق على المستوى المحلي والإقليمي والدولي وذلك إيماناً منها بأن بقائها بمفردها سوف يؤدي بها إلى التلاشي عن الخريطة الاقتصادية.
وترجع الأهمية الاقتصادية للتكتل والإندماج بين المشآت إلى تبادل الخبرات والكفاءات بين المنشآت، وتوحيد الجهود والإدارات وزيادة الإيرادات، والمساعدة في تنظيم العمل التنافسي، والحد من المنافسة العشوائية، وفتح أسواق جديدة والتوسع في الانتشار الجغرافي.
ولقد حققت المملكة العربية السعودية المركز الثاني بين دول الخليج والدول العربية بعد قطر في قيمة مشتريات الإندماج والاستحواذ عبر الحدود في العام المنصرم 2015م، حيث قفزت قيمة استثمارات الإندماجات والاستحواذات بالمملكة العربية السعودية في الخارج 3.410 مليار دولار في النصف الأول من عام 2015م، بنسبة نمو فاقت 230.4%، مقارنة بـ 148 مليون دولار أنفقت في النصف الثاني من عام 2014م، وقد هيمنت قطاعات المواد الكيميائية والمنتجات الاستهلاكية والرعاية الصحية على نشاط الصفقات العابرة للحدود، وبلغت أكبر صفقة اندماج واتسحواذ بقيمة 1.7 مليار دولار أمريكي في شهر سبتمبر 2015م، حيث استحوذت شركة أرامكو السعودية على 50% من أسهم شركة “Lanxess AG” الألمانية المتخصصة في صناعة المطاط الصناعي.
وهناك نماذج من تجارب الإندماج العالمية، على سبيل المثال، قيام شركة “دايملر. بينز” الألمانية بشراء شركة “كرايتسلر” الأمريكية، وقيام شركة صناعة لعب الأطفال “ماتل” بشراء شركة “ليرنينج كو” مقابل 3.6 مليار دولار، واندماج شركتي برتش بتروليوم BP و أمكو AMOCO وبلغ رأس مال الشركة الجديدة ما يعادل 110 مليار دولار، واندماج شركتي CNN و TIME مما يؤدي إلى السيطرة على الخطاب الإعلامي وهذا يؤثر على توجيه الرأي العام مما يحقق لهم مصالح اقتصادية معينة، واندماج شركة الطيران البريطانية مع شركة اربيريا الاسبانية (أكبر طيران في أروبا).
وفي عام 2016م، تمت أكبر صفقة استحواذ وكانت من نصيب شركة Bayar الألمانية والتي استحوذت على شركة Monsanto الامريكية والمتخصصة في البذور والميبدات الحشرية المعدلة وراثيا وبلغت الصفقة 66 مليار دولار امريكي اى أن قيمة السهم تعادل 128 $، ومن المعروف أن القيمة السوقية لشركةBayar الألمانية 86.6 مليار دولار في حين ان القيمة السوقية لشركة Monsanto الامريكية بلغت 46.4 مليار دولار.
لذا فمن المهم أن تدرك منشآتنا الوطنية أهمية تكوين تكتل فيما بينها يكون قادرا على التعامل مع التحديات وتحويلها إلى فرص حقيقية للنمو والتطور خلال المرحلة المقبلة خاصة وأن ذلك سيحقق العديد من الأهداف كتوحيد الأنشطة والجهود والتوسع لمواجهة التحديات الاقتصادية وتعزيز القدرة التنافسية في الأسواق المحلية ودفع عجلة الاقتصاد الوطني وضخ المزيد من رؤوس الأموال والمدخرات المحلية العالمية في أوعية الاستثمار دعماً لاقتصادنا الوطني.
د. توفيق عبد العزيز السويلم
*مدير دار الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية
This site is protected by wp-copyrightpro.com