عندما تداهمني الأوراق البيضاء وتستفزني بتجهمها، وتعتقد بأن لنصاعتها جدوى!
وترى في نقائها رونقاً يحفزني على خدشها، على تلطيخها بحبر قد يفقدها صفاءها لكي يجعل لها معنى، فهي كحياتنا لا تصبح حياة إلى أن تلونها المعرفة، وتختزنها الذكريات، وتؤرقها المشاعر حتى نكتبها بحبرنا، أو تكتبنا بمعاناتها..
أكثر اللحظات صفاءاً هي لحظات الألم، حين نتجرد من كل ما يلهينا، نغوص في أعماقنا، نكتشف ذواتنا، نبحث عن كل فقد، ونستبصر بجراحنا، حينها فقط تنهمر الحروف مع الدموع، وتهتك ستر البياض. تنجرف الأسئلة وعلامات الإستفهام لتسأل كيف؟ ولماذا؟ ومتى حدث؟؟؟
تتسارع دقات القلب وتتصارع معها الأفكار، سباق مضني، شلال ينهمر يطيح بصخور ومياه وشوائب لا يعلم أصلا بوجودها، كل ما يريده هو الخلاص!
مهمة شاقة وسلسة، متعبة وتجلب الراحة، ثقيلة في وقت البياض، وتصبح مريحة عندما تتشح بالسواد، تنتهي بنفس عميق، وحبات عرق طفيفة تعتلي الجبهة، وتنهي عملية استئصال الجزء المسموم. تطهر الروح وتجعلها خفيفة، قادرة على المجابهة مرة أخرى، حتى تمتلئ وتعود إلى الكتابة..
تكسر القيود، تمزق جدار الصمت وتتحدَى الأوراق البيضاء لتكون لها الكلمة الأخيرة!
د. ندا الزايدي
استشارية الطب النفسي
This site is protected by wp-copyrightpro.com