جرت العادة في مجتمعنا أن نُضَيِّقَ الخناق على أطفالنا ليكونوا متفوقين في الدراسة، يرجع الطفل من المدرسة إلى البيت لتبدأ حرب الأمهات، تناول غذائك، قم بحل واجباتك، احفظ درسك ثم قم بتحضير دروس الغد.. و بين مد و زجر هذه الأوامر ننسى أن أطفالنا يحتاجوا لبعض الوقت كي يستمتعوا بطفولتهم.
يقضي الطفل على الأقل، ست ساعات يوميًا في المدرسة مالم يكن في مدرسة أجنبية، فتصبح ثمان ساعات، بصرف النظر عن يوم في الأسبوع يكون الأطول لأنه يوم الأنشطة المختلفة، زيادةً على ذلك تأتي أعباء أخرى، مسابقات على مستوى المدرسة، مسابقات أخرى على مستوى المدارس أجمع، مشاريع و أبحاث يكلف بها الطالب.. و تمضي الأيام ليصبحوا أطفالنا مراهقين، و تزداد عندهم درجة الفضول لتجربة كل جديد و القيام بكل ماهو ممنوع حسب مفهومهم، متابعة الأفلام، السهر حتى وقت متأخر و زيارة الأصدقاء التي قد تزعج بعض الأباء.
الشاهد في الموضوع، منذ أن كنت طفلة تعلمت بأن من لا يحصد درجات عالية في سنينه الدراسية لن يكون له مستقبل جيد، كبرت و عرفت بأنها أكبر معلومة خاطئة نزرعها في عقول الصغار، لكل مجتهد نصيب و لكن نحن ننسى الموهبة الإلهية التي يمنحها الخالق لبعض الأطفال، موتزارت لم يدرس الموسيقى و أصبح رائدًا في عالم الموسيقى، بيكاسو لم يدرس الرسم و لوحاته تقدر بالملايين، و القائمة تطول..
ما أود قوله هنا، ليس بالضرورة أن تكون طالبًا متفوقًا حتى تصبح ناجحًا في عملك، و قولي هذا يسري حتى على الأطباء، قابلت الكثير من الأطباء من خريجي هارفارد و لكن على أرض الواقع لم يصنفوا من النخبة الطبية المتميزة، حباهم الله بموهبة الحفظ فقط، و مَنَّ على غيرهم بمواهب عديدة، شغف القراءة و المعرفة، و ربما من هنا يأتي القول بأن كل شاعر يستطيع أن يكون طبيبًا و العكس غير صحيح.
فَلنُشَجَّع أطفالنا ليقدموا أفضل ما لديهم في سنينهم الدراسية دون الضغط عليهم، و لِنَزْرَع فيهم الفضول لإكتشاف كل ماهو مفيد و البحث عن مستجدات الأمور، و لنتذكر دومًا بأنه ليس من الضروري أن يكون متفوقًا حتى يصبح موهوبًا في عمله، لكن الأهم هو أن يُنَمَّي ما حباه الله به و ميزه عن غيره بالعلم، و لا ننسى أن الله فضل بعضنا على بعض درجات.
بقلم : غادة ناجي طنطاوي
This site is protected by wp-copyrightpro.com