أين تكمن السعادة الحقيقة؟؟ سؤال لو طرح على عينات متباينة من الناس لجاء الجواب مختلفًا جدًا.. فمنهم من يراها في الآية القائلة؛ “المال و البنون زينة الحياة الدنيا”، و منهم من يراها في الحديث القائل؛
” من أصبح آمناً في سربه معافا في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها”
إذا السعادة حالة شخصية ليس لها مفهوم عام، و هنا تكمُنُ المشكلة الأساسيّة التي تعانيها النفس البشرية منذ الأزل.. فقد فطرت على البحث عن كل ما يجلب لها السرور والراحة. ولا زالت تبحث وتتحرّى طُرقها وكيفيّة تحقيقها. و حتى يومنا هذا، نجد أن مصادر الفرح و البهجة ما هي إلا صورٌ مختلفة من الخيال لدى كل منا، تعتمد على قناعاته و احتياجاته، و لكنه في الحقيقة لا يعلمُ أدوات تحقيقها، لذا نراه يستخدم كل ما في وسعه، سواءً كانت أمورًا حسية، معنوية، مادية أو ملموسة ليحقق ما يخيل له بأنه سعادته الحقيقية.
وإذا اعتبرنا الروح مصدر السعادة و ليس الجسد، فذلك يعني بأن السعادة أمرٌ روحي يتعلق بكل ما ينمي المشاعر و يغذي الوجدان، لكنها تتحقق بأشياء مادية وليدة اللحظة، فلربما كانت السعادة في الراحة بعد التعب أو في الشبع بعد الجوع ، وربما نجدها في نشوة الإنتصار.. فما هي السعادة؟ أين تكمن؟ و هل هي قرارٌ أم قدرٌ محتوم؟
حتى الفلاسفة والأدباء لم يتفقوا على تعريف عام يفسر هذه الظاهرة التي تجتاح حياتنا تارةً و تختفي تارةً أخرى، فلا تنحصرُ بنطاقٍ حسيّ ولا عقلانيّ، بل تتجاوز ذلك إلى ما هو خياليّ، من هُنا تكمنُ صعوبة حصر، ضبط و تعريف هذا الشعور في بضع كلمات تصفه.. قال فيها الفيلسوف الفرنسيّ Nicolas Chamfort : “السعادة ليست بالأمر الهيّن، فمن الصعب أن نعثُر عليها في دواخلنا، ومن المُستحيل أن نعثر عليها في الخارج”، و في المقابل قال عنها أرسطو بأنها اللذة، أو على الأقل أنها شيءٌ مرتبطٌ ارتباطاً وثيقاً باللذة. و اللذة بدورها يتمّ تفسيرها باعتبارها غياباً واعياً للألم و الإزعاج، أما الإمام الغزالي فقال: ” إن السعادة عند ابن آدم هي معرفة الله عز وجل”.
وفي رأيي، السعادة نسبية كالجمال، يختلف مفهومه و مقاييسه من شخصٍ لآخر بإختلاف الشخصيات و وجهات النظر. لكن يبقى أمرٌ واحدٌ لا خلاف عليه..أعيش في منزل دافئ محاط بأناس يهتموا لأمري، يحبوني على الرغم من عيوبي، أجد فيهم الصديق الذي يشد من أزري عندما أسقط و يجعل لحياتي قيمة و معنى بوجوده فيها هنا تمكن سعادتي، و تلك هي بعض أسبابها الأساسية في نظري.
شكرًا لكل من مد لي يد العون في الأزمات.. شكرًا لكل من ساعدني حتى أقف بثبات في كل مرة وقعت فيها و أصبت بالخذلان.. فأنتم سبب سعادتي الحقيقية..
بقلم : غادة ناجي طنطاوي
This site is protected by wp-copyrightpro.com