حلب الشهباء | أنور الأحمدي
18 ديسمبر 2016
0
202851

 

لمعرفة ما يدور في حلب اليوم من صراعات مذهبية وطائفية وعرقية، لابد معرفة تاريخ حلب بالأمس ودورها السياسي والاقتصادي. إذ تقع حلب شمال غرب سوريا على مقربة من تركيا، وتعتبر عاصمة الشمال السوري، وأغلب سكان دولة حلب من المسلمين السنة العرب، مع وجود طوائف أخرى من اليهود والمسيحيين وبعض العلويين والشيعة، واعراق عديدة مثل الأكراد والشركس والاشور وغيرهم.

“حلب” كلمة سريانية وتعني البياض، وهو نفس السبب الذي أدّى إلى تلقيبها بالشهباء. وقد شهدت هذه المدينة عدت صراعات داخلية وخارجية منذ العهد البابلي، حيث أرادوها أن تكون بيت إله الطقس، إلى أن قضى عليهم مرسيليس الأول، واصحبت عاصمة لحضارة أرفاد الآرامية في القرن التاسع قبل الميلاد.

 

وحكمت الإمبراطورية الرومانية فيها ثلاثة قرون، ثم فتحت على يد خالد بن الوليد رضي الله عنه، واصحبت تابعة للدولة الأموية، ومن ثم للدولة العباسية، وحاول الصليبيون احتلالها عدة مرات، وباءت جميع محاولاتهم بالفشل، ثم خضعت إلى الحكم الأيوبي إلى أن احتلها هولاكو المغولي، واستعادها المماليك بعد معركة عين جالوت ثم خضعت هذه المدينة تحت إمرة الدولة العثمانية في عام 1516م. وكانت مركزاً تجارياً مهماً.

 

ومع انهيار الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى لم تعد حلب تابعة لها، وبدأ الانتداب الفرنسي على سوريا، وأعلن دمشق عاصمة لسوريا بهدف استفزاز الحلبيين، مما أثار حفيظتهم وغضبهم، وقامت عدت ثورات في جميع أنحاء سوريا، حتى نالت استقلالها في العام 1946م.

  

من خلال هذه اللمحة التاريخية السريعة لمدينة حلب، يتبين بأن هذه المدينة تحتل موقعاً جغرافياً مهماً بالقرب من الحدود التركية، واهميتها الرمزية باعتبارها ثاني أكبر المدن السورية، وبلغت شهرتها التجارية والصناعية أيام الدولة العثمانية بأن كانت مركزاً للقنصليات الأوروبية، وتحوي على 50℅ من العمالة الصناعية وأكثر من نصف حصة التصدير.

 

أضف إلى ذلك بأنها تعتبر خزان بشري سني هائل قد يكون قنبلة موقوتة في وجه المشروع الإيراني الطائفي، فبعد انتفاضة تنظيم الطليعة أدرك الأسد الأب أهمية حلب ذات الثقل السني الأكبر في سوريا، لذلك عمل على تحييد أبناءها من وظائف الدولة خاصة الجيش والأمن، ولذلك

يرى المحللون بأن من يسيطر على حلب اليوم يفوز بالصراع القائم.

وفي يومنا هذا تشهد حلب أبشع حملات التشيع من خلال المد الصفوي الإيراني في المنطقة، وما نراه اليوم من قتل وتهجير لأهل السنة على يد المليشيات الطائفية الشيعية هو لتغيير ديموغرافية المدينة وتحويلها إلى مدينة تخضع لولاية الفقيه بمباركة من نظام الطاغية بشار الأسد ودعم روسي إيراني.

 

ويرتكب النظام السوري بتوطئة مع أعوانه جرائم ضد الإنسانية من قتل واغتصاب وتهجير للشعب السوري الشقيق، وهو ما استنكرته منظمات حقوقية ومطالبات دولية بوقف جميع أنواع العنف الطائفي الذي يمارس على أهل حلب الأبية، وتلك المطالبات الحقوقية الدولية يتبعها تحرك دولي مخجل، لا يتجاوز لغة الشجب والاستنكار، مما جعل نظام الطاغية بشار يتبجح في وضح النهار بعنجهية ساخرة، ضارباً بكل الأعراف والقيم والمعاهدات الدولية والإنسانية عرض الحائط، ولا نملك أن نقول إلى ما يقوله أهلنا في حلب الشهباء “مالنا غيرك يا الله”..!!  

 

ومضة:

نَظَرتُ ولَـم أَجِـــــــد إِلّا عِمَادا

جَرَتْ دَمـعَــــــاتُـه لَـيـلاً عِنَادا

فَقُلتُ لِـمَ البُكَــــــــاءُ فَقَالَ إِنِّـي

وَلَمْ يُكْمـــــِلْ وَزَادَ الدّمعَ زَادَا

إِلَى أَنْ خَطَّت الدَّمْعَـــاتُ قَولاً

غَدَتْ حَلَبٌ -بِلَا رَيبٍ- رَمَـادَا

 

أنور عبدالرحمن الأحمدي


قناة شبكة الاعلام السعودي

تابعنا على الفيس بوك

© 2016-2024 All Rights Reserved صحيفة شبكة الاعلام السعودي Design and hostinginc Digital Creativity

This site is protected by wp-copyrightpro.com