
د. نواف مستور المذاهبي
في اللحظة التي يشهد فيها العالم اضطرابات متلاحقة، تبرز المملكة العربية السعودية برؤية واضحة ورسالة ثابتة تقوم على ترسيخ السلام الإقليمي والدولي. وتمثل رؤية المملكة 2030 الإطار الأشمل لهذا التوجه، حيث تجمع بين البناء الداخلي الطموح والانفتاح الخارجي المسؤول، وتؤكد أن التنمية الحقيقية لا تكتمل إلا في بيئة يسودها الأمن والاستقرار.
رؤية 2030… مشروع دولة ورسالة إنسانية
انطلقت رؤية 2030 بهدف إعادة تشكيل نموذج التنمية في المملكة، وبناء اقتصاد متنوع وقوي، وتعزيز مكانة الدولة عالميًا. غير أن جوهر هذه الرؤية يتجاوز الاقتصاد إلى تعزيز السلام، وتوحيد الجهود الدولية، ودعم الإنسان أينما كان.
هذا النهج يعكس عمق الدور السعودي في العالم، وصلابة القيم التي تأسست عليها الدولة منذ نشأتها: قيم العدالة، ونُصرة المظلوم، وإعلاء قيمة الإنسان.
قيادة تُؤمن بالسلام وتعمل من أجله
لقد جعل سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من السلام مشروع دولة، لا مجرد شعار. رؤية تبني الاستقرار عبر القوة الناعمة، وتربط بين نهضة الاقتصاد واستقرار الإقليم واحترام الإنسان، وتؤمن أن صناعة الغد تبدأ عندما يمتلك القائد الشجاعة ليصنع السلام قبل أن يصنع غيره.
وهكذا تثبت المملكة، بقيادة ولي عهدها، أن السلام حين ينطلق من الرياض… فإنه يلامس القارات، ويتجاوز الحدود، ويصل إلى كل مكان. فهذه ليست رؤية سياسية فحسب، بل فلسفة حياة تؤمن بأن بناء العالم يبدأ من بناء السلام، وأن صناع الأمل هم من يكتبون التاريخ
ويقود صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز مسيرة التحول الكبرى، واضعًا الإنسان في مقدمة الأولويات، ومؤمنًا بأن المملكة قادرة على أن تكون جسرًا بين الشعوب وقوةً دافعة نحو تهدئة الصراعات.
وقد ظهرت ملامح هذا النهج في ملفات دولية كبرى:
في وقت شهد فيه العالم توترات حادة بين الهند وباكستان، وهما من أكبر القوى النووية في آسيا، كانت المملكة — بعلاقاتها المتوازنة وحكمتها السياسية — حاضرة بروح التهدئة. أسهمت الرياض في خفض التوتر وتعزيز منطق الحوار بين الجانبين، مؤكدة أن منع الحرب قبل وقوعها هو أعظم أشكال القوة، وأن الاستقرار الإقليمي جزء لا يتجزأ من مسؤوليتها تجاه العالم.
• جهود المملكة في أزمة أوكرانيا
بادرت المملكة إلى لعب دور الوسيط الإنساني والسياسي، وسعت إلى وقف التصعيد وحماية المدنيين، وأسهمت في عمليات تبادل الأسرى وفتح قنوات التواصل بين الأطراف.
• موقف المملكة من قضية فلسطين
تحولت السعودية في الأشهر الأخيرة إلى مركز دبلوماسي عالمي، حشدت فيه الموقف الدولي تجاه وقف العدوان عن غزة، ودعم المساعدات الإنسانية، والدعوة لصنع سلام عادل يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
• دعم سوريا واستعادة دورها العربي
انطلاقًا من رؤية تؤمن بالاستقرار العربي، دعمت المملكة الجهود لإعادة سوريا إلى محيطها، وفتح مسارات جديدة للحل السياسي بما يضمن وحدة الشعب والأرض.
• تحركات فاعلة تجاه أفريقيا والسودان
واصلت المملكة دعمها للدول الأفريقية، وقدّمت مبادرات إنسانية وسياسية للسودان بهدف وقف النزاع وحماية المدنيين، تأكيدًا لدورها الريادي في محيطها.
السلام… محورٌ ثابت في مسيرة المملكة
تؤمن المملكة بأن السلام ليس خيارًا ثانويًا، بل أساس التنمية الحديثة. ومن هذا المنطلق، تعمل عبر رؤيتها على:
• تعزيز التعاون الدولي وحل النزاعات بالحوار.
• دعم الاستقرار الإقليمي كشرط للنهضة الاقتصادية.
• تقديم مبادرات إنسانية تتجاوز الجغرافيا والسياسة.
• بناء نموذج سعودي ملهم يجمع بين الأصالة والتقدم.
من أرض الحرمين… رسالة سلام للعالم
تواصل المملكة العربية السعودية اليوم دورها كركيزة للاستقرار العالمي، مُلتزمة بقيمها الأصيلة، وماضية في تنفيذ رؤيتها الطموحة التي تجعل من السلام قيمة وطنية، ومبدأ إنساني، ورسالة عالمية.
من أرض السلام، تنطلق رؤية تُمدّ جسور الأمل، وتفتح آفاق المستقبل، وتقدّم للعالم نموذجًا جديدًا لدولة تجمع بين القوة والحكمة… وبين التنمية والسلام.
This site is protected by wp-copyrightpro.com