سلطان السعيد
يتسابق المغردون السعوديين ومواقع التواصل الإجتماعي في نشر تفاصيل الكرم السعودي مع السياح والذي يُعتبر من أبرز الصفات التي يشتهر بها المجتمع السعودي وهو جزء أصيل من الثقافة والتقاليد لدينا كسعوديين واشتهرنا به وبحسن الضيافة سواء كان ذلك في المدن الكبرى أو في المناطق الريفية حيث يُستقبل الضيوف بترحاب كبير وغالبًا ما تقام لهم الولائم ويُقدَّم لهم الطعام والقهوة العربية كعلامة على الكرم.
لكن ما مدى “مناسبة” هذا الكرم للسياحة وانعكاسه بالسلب او الإيجاب لتنمية موارد الدولة وبالتالي تنعكس على جودة وتطوير الاماكن والخدمات المقدمة لتطوير هذا القطاع الحيوي ، هناك من يرى ان هذا الكرم هو عنصر جاذب يعزز تجربة الزيارة.
ويترك انطباعًا إيجابيًا على معظم السياح يدعوهم لتكرار التجربة.
وهناك قسم آخر يرى انه نوع من السذاجة وعدم تحمل المسؤولية تجاه موارد الدولة وأهدافها ومضمون السياحة وبعيد كل البعد عن مفهوم الكرم وتحقيق العوائد الاقتصادية والسياحية،
ولتحقيق السياحة عوائد مجزية للوطن وللمواطن يجب تحقيق توازن بين الجذب السياحي والاستدامة الاقتصادية. هناك عدة استراتيجيات يمكن اتباعها لتعظيم العوائد الاقتصادية من السياحة يكون من أهمها الكرم ولكن ضمن وداخل مفهوم الكرم السياحي الذي يشمل مجموعة من القيم والمبادئ التي تعكس حسن الاستقبال والضيافة مع الالتزام بالقوانين والتشريعات الوطنية مما يعزز سمعة الوجهة السياحية ويشجع الزوار على العودة. فيما يلي توضيح للعناصر التي ذكرتها
أولها حسن الاستقبال ويتمثل في الترحيب الحار بالزوار سواء كانوا سياحًا محليين أو أجانب، وتوفير بيئة ودودة ومريحة لهم ويشمل ذلك تقديم الخدمات بجودة عالية والتعامل بأدب واحترام اضافة لتقديم المساعدة عند الحاجة.
اما ثاني هذه العناصر هي الأمانة وتتجلى في التعامل الصادق والشفاف مع السياح سواء في تقديم المعلومات أو في التسعير العادل للخدمات والمنتجات وتجنب الاستغلال والاحتيال وهذا بدوره يعزز ثقة الزوار بالوجهة السياحية.
اما ثالث هذه العناصر هو الحفاظ على الهوية الوطنية واعني بها تعزيز التراث والثقافة المحلية في مقابل الوجهات السياحية الجديدة الفخمة وباهظة التكاليف ويكون من خلال تقديم تجربة سياحية أصيلة وذات تسعيرة ذكية تقدم خيارات متعددة تناسب جميع الفئات مع ضمان عدم تقديم خدمات مجانية بشكل مفرط ويمكن تحقيق ذلك عبر إبراز الفنون التقليدية الأكلات الشعبية الحرف اليدوية والمناسبات الثقافية وتشجيع الاستهلاك المحلي من خلال الترويج للمنتجات السعودية مما يساعد السياح على التعرف على هوية المكان وتاريخه.
ورابع هذه العناصر واهمها هو الالتزام بالقوانين والتشريعات الوطنية من خلال احترام القوانين التي تنظم القطاع السياحي ولعل اهمها حماية المعالم التاريخية والسياحية والحفاظ على البيئة وضمان حقوق السياح والعاملين في المجال لان الامتثال لهذه القوانين يعزز من استدامة السياحة ويضمن تجربة آمنة وسلسة للجميع.
وخلاصة القول عند الالتزام المتوازن بهذه العناصر يصبح الكرم السياحي عاملًا رئيسيًا في جذب السياح وتحقيق التنمية السياحية المستدامة ويمكن للوطن والمواطن تحقيق عوائد مجزية من السياحة إذا تم التركيز على تقديم تجارب مدفوعة عالية الجودة بدلاً من الإعتماد على الكرم المجاني فقط وهذه العوائد ستسهم بالإستثمار الأمثل في تطوير الوجهات السياحية والترفيهية وتعزيز الإنفاق السياحي وتسويق السعودية كوجهة عالمية وكل تلك العوامل والعناصر تساهم في جعل السياحة قطاعًا اقتصاديًا قويًا ومستدامًا.
وفي الختام اقول اشتهر السعوديين كذلك بحبهم لوطنهم والدفاع عنه وهذا لايختلف عليه القريب والبعيد وجزء من حب الوطن هو المساهمه في إنجاح سياسات الدولة الحالية والمستقبلية ولعل ابرز هذه السياسات هي رؤية المملكة 2030
وتمثل السياحة أحد المحاور الأساسية في رؤية المملكة 2030 حيث تسعى المملكة إلى تعزيز دور القطاع السياحي كمصدر رئيسي للدخل وتنويع الإقتصاد بعيدًا عن الإعتماد على النفط وجذب السياح من جميع أنحاء العالم ورؤية المملكة 2030
لا تهدف فقط إلى تطوير السياحة بل إلى تحويل المملكة إلى وجهة عالمية تجمع بين التاريخ والثقافة والترفيه والاستدامة لذالك وجب على كل مواطن أن يكون دوره ملموس وإيجابي لتحقيق هذه الرؤية .
This site is protected by wp-copyrightpro.com