وكالات :
أعتذر نائب رئيس الأمريكي، جو بايدن، عن عدم مجيئه إلى تركيا فور فشل المحاولة الانقلابية، لافتاً إلى أن الرئيس باراك أوباما كان من أول المسؤولين الدولين الذين أجروا اتصالا مع الجانب التركي، عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة منتصف يوليو/تموز الماضي.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي استقبله في المجمع الرئاسي في العاصمة أنقرة.
وقال بايدن: “الولايات المتحدة تدعم حليفتها تركيا، ودعمنا مطلق، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال زعزعته”.
وأضاف: “المحاولة الانقلابية لم تكن موجهة ضد الحكومة التركية فقط بل كانت هجمة ضد الشعب التركي وأهم القيم في هذا البلد، وهي خيانة تحوي الكثير من العنف”.
وردا على سؤال من أحد الصحفيين بشأن عدم مجيئه إلى تركيا فوراً عقب المحاولة الانقلابية، قال بايدن إن “الشعب الأمريكي يقف إلى جانبكم، وباراك أوباما كان أول المتصلين، أعتذر، ليتني تمكنت من المجيء إلى هنا من قبل”.
وبخصوص عملية درع الفرات التي بدأتها تركيا اليوم مع الجيش السوري الحر، لتحرير مدينة جرابلس السورية، القريبة من الحدود التركية، قال بايدن: “نحن نؤمن بقوة أن الحدود التركية (مع سوريا) ينبغي أن تكون تحت سيطرة تركيا”.
واستذكر بايدن أن الانقلابيون جاؤا بمروحية لاقتحام الفندق الذي كان يقيم فيه أردوغان ليلة المحاولة الانقلابية؛ حيث نجا الرئيس بعد مغادرته الفندق مع أسرته قبل 15 دقيقة من وصول الانقلابيين.
ومتخيلا ما كان يمكن أن يحدث في بلاده حال تعرضت لواقعة مشابهة، قال بايدن: “أحاول أن أفكر لو قامت مروحية عسكرية أمريكية، بالتوجه إلى مكان قضاء الرئيس وعائلته عطلتهم، ما الذي كان سيحدث؟”، مشيراً إلى أنه وجد فرصة خلال مجيئه إلى المجمع الرئاسي لرؤية آثار قصف الانقلابيين لمحيط المجمع.
وأضاف: “قد يكون الكثير من الأشخاص في بلدكم يعتقدون أن العالم تأخر في التضامن مع بلادكم خلال مواجهته الأزمات؛ ولذلك فأنا شخصياً أردت المجيء إلى هنا، والسيد باراك أوباما أيضاً طلب مني ذلك، وأريد أن أعبر لكم ولجميع المواطنين في بلدكم، كم نحن حزينون”.
وقال بايدن تعليقاً على عملية “درع الفرات” العسكرية ضد تنظيم “داعش” الإرهابي في شمال سوريا: “ندعم ما قام به الجيش التركي من عمليات لغاية الآن، ونقدّر ذلك”.
وأضاف: “قد يصعب على الشعب التركي إدراك أن الرئيس أوباما لا يملك الصلاحيات لإرسال أي شخص إلى دولة أخرى” في إشارة إلى مطالبة تركيا بتسليم فتح الله غولن زعيم الكيان الموازي منفذ المحاولة الانقلابية الفاشلة)، مؤكداً أن المسؤولين الأمريكان “ليسوا فوق الدستور، وأن المحاكم هي التي تستطيع ذلك” (البت في مسألة تسليمه).
ولفت بايدن إلى أنه يتعين على الشعب التركي أن يُدرك أنه ليست هناك سبب يستدعي الولايات المتحدة لحماية شخص ارتكب خطأ أو حماية “فتح الله غولن”.
وأكد بايدن أن الجانب الأمريكي مصمم على إدراج كل الأدلة مهما كانت صغيرة التي تقدمها تركيا أو التي ستتوصل إليها الولايات المتحدة، فيما يتعلق بإدانة “فتح الله غولن” بالتورط في المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا.
من جانبه، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، خلال المؤتمر الصحفي ذاته: “السيد بايدن من خلال زيارته هذه وجد الفرصة لرؤية مدى الأبعاد الخطيرة للمحاولة الانقلابية عبر تجوله شخصياً في مبنى البرلمان التركي، وسأقدم له بعض الوثائق ومعلومات بحوزتنا، وأنا سعيد لوقوفه مباشرة على مشاعر الشعب التركي بحق منظمة فتح غولن الإرهابية التي تسببت بالمحاولة الانقلابية”.
وأضاف: “خلال لقائنا مع بايدن أطلعناه على مكافحتنا لهذه المنظمة الإرهابية الدموية (منظمة فتح الله غولن) التي لم تتورع عن مهاجمة شعبها والتدابير المتخذه بحقها، وأن الأولوية الكبرى لنا هي تسليم زعيم المحاولة الانقلابية ومنظمة فتح الله غولن الإرهابية إلى بلادنا في أسرع وقت”.
وفيما يتعلق بعملية درع الفرات، أكد أردوغان سيطرة الجيش السوري الحر على مدينة جرابلس، وانسحاب عناصر تنظيم داعش منها في إطار العملية التي أطلقتها تركيا بالتعاون مع التحالف الدولي.
وجدد الرئيس التركي التأكيد على عدم اختلاف المنظمات الإرهابية بجميع مسمياتها سواء كانت “داعش”، أو “بي كا كا”، أو “ب ي د”، أو “ي ب ك”، أو “الشباب” أو “النصرة”، مشددا أن “الإرهابي يبقى إرهابيًا”.
كما شدد على أن حكومته لا يمكن أن تسمح لأحد بأن يهدد أمن تركيا القومي.
وعن الأزمة في سوريا، أعرب الرئيس التركي عن أمله في التوصل إلى تطابق في الرؤى حول شخص يختاره الشعب السوري لقيادة بلاده.
وأكد على أهمية عدم القبول بشخص لا يوافق عليه الشعب السوري، مضيفًا: “لن تصل سوريا إلى الديمقراطية أبدًا وعلى رأسها (بشار) الأسد (رئيس النظام السوري)، نحن نعرف ماضيهم (عائلة الأسد) جيدًا”.
ومضى قائلاً: “كتركيا قيادة وشعبا نعتبر الوقوف إلى جانب شخص قتل 600 ألف ويمارس إرهاب دولة أمر مهين، وأنا أؤمن بأن الولايات المتحدة ستتبع موقفًا أكثر حساسية حيال هذا الموضوع”.
وحول استخدام صحفية مصطلح “الدولة الإسلامية”، في وصف تنظيم “داعش”، علّق أردوغان بقوله: “إن قول كلمة الدولة الإسلامية هنا خطأ ويجب استخدام مصطلح داعش لأن الدولة الإسلامية لا تُصدر الإرهاب، وداعش تنظيم إرهابي، والإسلام كلمة مستمدة من السلام ولا يمكن لمسلم ارتكاب مجازر ولا أن يستغل الأطفال من هم في عمر الـ12 والـ13 كانتحاريين ويرسلهم لقتل الشعب”.
وأطلقت وحدات من القوات الخاصة في الجيش التركي والقوات الجوية للتحالف الدولي، فجر اليوم، حملة عسكرية على مدينة جرابلس التابعة لمحافظة حلب شمالي سوريا.
وتهدف الحملة العسكرية إلى تطهير المدينة والمنطقة الحدودية من المنظمات الإرهابية، وخاصة تنظيم “داعش”، التي تستهدف الدولة التركية ومواطنيها الأبرياء، وذلك بالتعاون مع المجتمع الدولي وقوات التحالف.
كما تهدف العملية إلى منع حدوث موجة نزوح جديدة من سوريا، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في المنطقة، فضلا عن إيلاء الأولوية لوحدة الأراضي السورية ودعمها.
وفي غضون ساعات، مكنت العملية العسكرية الجيش السوري الحر من طرد تنظيم “داعش” من جرابلس، والسيطرة على المدينة.
وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، منتصف يوليو/تموز الماضي، محاولة انقلاب فاشلة نفذتها عناصر محدودة من الجيش تتبع منظمة “فتح الله غولن”، وحاولت خلالها السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها الأمنية والإعلامية.
وقوبلت المحاولة الانقلابية باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات التركية؛ إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، والمطار الدولي بمدينة إسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن؛ ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب، وساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي.
جدير بالذكر أن عناصر منظمة “فتح الله غولن” قاموا منذ أعوام طويلة بالتغلغل في أجهزة الدولة، لا سيما في الشرطة والقضاء والجيش والمؤسسات التعليمية؛ بهدف السيطرة على مفاصل الدولة، الأمر الذي برز بشكل واضح من خلال المحاولة الانقلابية الفاشلة.
ويقيم غولن في الولايات المتحدة منذ عام 1999، وتطالب تركيا بتسليمه، من أجل المثول أمام العدالة.
This site is protected by wp-copyrightpro.com