د.إبراهيم عباس نــَتــّو
عميدسابق.بجامعةالبترول.
*الديموقراطيا* هي مفردة يونانية مركبة من مقطعين أصلهما (من الناحية اللغوية) كلمتان مستقلتان: ‘ديموس’، و تعني ‘الناس’. و منها جاءت مفردة ‘الشعب’، ‘الجمهور’؛ و الثانية: كراتيا: السُّلطة.
و كان من تطورات الحركات الدستورية البريطانية منذ ‘العهد الأعظم’/ الماگنا كارتا، 1215م؛ و بُعيد استقرار الثورة الفرنسية أن أعيدت بلورة فكرة الديموقراطيا في شكل متطور و راقٍ.
فمِن تأثيرات الثورة الفرنسية: مبدأ المساواة في الحقوق السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية، و متابعة أداء الحكومة عن طريق هيئات مختصة.
و بالطبع، فإن مجردُ تداول كلمة ‘الديموقراطيا’ لا يكفي؛ و مجرد استعمالها كمفردة لا يسمن و لا يغني؛ بل قد نجد أن إطلاق و استعمال لفظة الديموقراطيا في عدد من الأحوال/في بعض البلدان ما يصل بنا إلى مستوى الابتسام! (مثل: الكونغو الديموقراطية؛ كوريا الديموقراطية. و كذلك كان ‘المسمى، قبل إعادة توحيد الألمانيتين: جمهورية المانيا الديموقراطية!)
فالديموقراطيا ركيزة ‘الشأن العام’. و الديموقراطيا تعني استخلاص السلطات -بصفة عامة- من الشعب، و حيث يقوم ممثلوهم بالمشاركة في وضع القرارات و في سَن القوانين، و إقرار المعاهدات.
فالناس في الديموقراطيا يكونون مسؤولين عن مصيرهم، و يجدون أنفسهم شركاء في إقرار قراراتهم، و ذلك بتكاتف مختلف مكونات المجتمع، بما فيها *الطبقة الوسطى،* التي هي العصب الاقتصادي و المالي في البلاد؛ و معها بالطبع الطبقات الفقيرة و الطبقات العليا؛ كما و تحتاج تلك النظم إلى ‘مؤسسات المجتمع المدني’ النشطة الواعية.
و في الديموقراطيا يتجلى التعاون و تبرز الفائدة المشتركة، و ينخرط السواد الأعظم من الناس في العمل الاجتماعي. فكلٌ يؤدّي دوره، و كل يُسْهمُ بسهمه. فتكون نتيجة هذا التعاون في شكل: ‘الكلُّ كسبان’. و خاصةً حين تلاحظ الاطراف بأن ‘الديموقراطيا’ تقود فعلاً إلى نتائج، و إلى الإنتاجية و إلى الاعتدال، و حين يأتي معها ‘القسطاس’.
و من المفاهيم الأساسية هنا: تعددية المشارب و المذاهب و الأفكار، بل و المصالح. و في هذا يأتي مبدأ ‘التمكين’ المناسب لنصف المجتمع، المرأة، بمشاركتها المشاركة الفاعلة و الكاملة في مختلف المجالات و الاتجاهات؛ و الانخراط في ديموقراطية التعليم و التدريب؛ و حقوق الإنسان كافة؛ و تنمية و تنشيط فئات *’المجتمع المدني’.*
و كل جهة تؤدي دورها المطلوب و الضروري لتحقيق المصالح الخاصة لكل فئة؛ و نتيجة لهذا يأتي تحقيق ‘المصلحة العامة’.
و لتحقيق الديموقراطيا في المجتمع، يلزمُ إقرار ‘سيادة القانون’؛ و أن القانون فوق الجميع، و أنه يُطبّق على الجميع، و يساوِي بين الجميع.
و إن تطبيق الديموقراطيا يحتاج إلى: الأمن الشخصي و الوظيفي المعاشي، و إلى التعليم، و إلى التنمية الاقتصادية..و بالتالي إلى نماء ‘الطبقة الوسطى’.
و من المقومات الأساسية للديموقراطيا: الفصل الحقيقي بين السُّلطات (التنفيذية و التشريعية و القضائية)؛ و حماية حقوق الأقليات؛ و حق الفئات العاملة للمطالبة بحقوقها؛ و حرية التعبير بعامة بتمكين إقامة جمعيات و منابر للتعبير و المطالبات؛ و مقاومة الفساد.
و غنيٌ عن القول بأن الديموقراطيا تتطلب حرية الصحافة وخصخصتها، و الشفافية.
و من الأهمية تذكُّر لزوم (توطين) الفكر الديموقراطي (أثناء تنشئة الأجيال): لأن *”الديموقراطيا”* كمفهوم و كفكرة لا تأتي مغروسة و لا متجذرة و لا مُعلبَّة؛ فعلينا أن نسعى لتوطين المفردة و ترسيخ مفهومها؛ و أن نعمل على(تربية) النشء بعمليات ‘حل المشكلات’.. و بتدريبهم على مبادئ ‘المشاركة’ في وضع القرار، و ذلك منذ ‘نعومة أظفارهم’.. بدءاً بالبيت.
و علينا الحرص على مما يمكننا عمله لتنشئة أولادنا و بناتنا تدريبهم على عدد من المهارات الاجتماعية
*مثل:-*
*الوقوف في طابور؛
* التدريب بانتظام على (تقاسم) الأشياء؛
* الالتزام بقواعد السلامة؛ بما يشمل (حقوق) الآخرين، كحق مرور المشاة، و احترام حق مرور الطرف الآخر؛
*استعمال الألعاب و التمارين التي تحتاج للعمل (التعاوني) و اسلوب ‘الفريق’.. أكثر من التركيز على الألعاب الفردية.
لكن، تبقى العدالة ‘ضالة’ و مطلب المواطن، في كل مكان، و خاصة في الدول النامية و المتخلفة.
و تبقى العدالة من أساسيات الديموقراطيا، حيث ينبغي أن يكون القانونُ الجيدُ إسمَها، و القضاءُ العادلُ المستقلُ عنوانَها، و مقايضةُ و توازنُ ‘الحقوق بـالواجبات دَيدَنَها.
فالديموقراطيا مشوارٌ نضاليّ كبير، و يحتاج إلى الصبر و المصابرة.. من كل من المحكوم و الحاكم؛ فالناس شركاء في الوصول إلى قراراتهم و في تقرير مصائرهم.
*و الناسُ مَهّما غابَ طاغٍٍ أو أتَى#*
*فهُمُ الأساسُ على الدَّوامِ يَقينا!*
This site is protected by wp-copyrightpro.com