ش ا س – ياسين النوري
بين فكي حكومة ميانمار وبنغلادش، تتسع مأساة مئات الآلاف من مسلمي الروهنغيا الذين فروا من بطش السلطة في ميانمار ليجدوا باب اللجوء إلى بنغلادش موصد في وجوههم، وانتهى بهم المطاف في أرض خلاء على الحدود بين البلدين.
وتسعى بنغلادش، إلى نقل مسلمي الروهنغيا، الذين لجأوا إليها هربا من العنف في ميانمار إلى جزيرة نائية، يصفها معارضو الخطة بأنها عرضة للفيضانات وغير صالحة للعيش.
وكشفت لقطات مصورة عن معسكرات خرسانية صلبة يجري بناؤها للروهنغيا على جزيرة “بهاشان تشار” في بنغلادش، كجزء من الخطة لنقلهم إليها.
وتقول صحيفة “الغارديان” البريطانية، إن تطوير جزيرة “بهاشان تشار” ظل سريًا، ولكن لقطات تم تصويرها بشكل سري كشفت عن الظروف المعيشية التي ستستقبل 100 ألف لاجئ من الروهنغيا، الذين يمكن نقلهم إلى الجزيرة بحلول بداية العام المقبل.
ووفقاً لخطة أعدتها حكومة بنغلادش، سيتم نقل بعض اللاجئين الروهنغيا البالغ عددهم 700.000 الذين فروا من حملة قمع عسكرية وحشية في ميانمار ويعيشون الآن في مخيمات في كوكس بازار إلى الجزيرة.
“بهاشان تشار” هي جزيرة غير مأهولة بالسكان على ضفاف نهر ميغنا في بنغلادش، ويمكن الوصول إليها عن طريق القوارب فقط.
وتقول الصحيفة، إن اللقطات أظهرت الحجرات الخرسانية التي سيتم إيواء العائلات بها، وتبلغ مساحتها 2 م × 2.5 م ، وبها نوافذ صغيرة، وحمام واحد لكل مربع سكني والذي يتكون من حوالي 25 وحدة، كل وحدة لعائلة واحدة، في حين كان من المقرر أن يبدأ نقل اللاجئين إلى “بهاشان تشار” في أكتوبر لكن يبدو أن بناء المساكن لا يزال مستمرا.
وتشير الصحيفة إلى إن الذهاب إلى الجزيرة محظور تمامًا بخلاف العمال اليومين، وتقبع تحت سيطرة مشددة من البحرية، ولم يتم السماح إلا مسؤولين من الأمم المتحدة ومسؤولين حكوميين ببنغلادشيين للاطلاع على الظروف التي يجري بناؤها في الجزيرة ولم يتم إصدار أي صور رسمية أو تفاصيل عن الوضع في “بهاشان تشار” .
ووصف المصدر الذي التقط الصور، الوضع في “بهاشان تشار” على النحو التالي: “غريب. مئات الآلاف من الوحدات الشبيهة بالسجون، وتدار الآن بالكامل من قبل الجيش والشعب الآخر الوحيد في الجزيرة هم عمال البناء، هذا يشبه معسكر السجن أكثر من كونه ملاذًا للاجئين”.
وأثارت جماعات حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية، المخاوف بشأن خطة إعادة التوطين وأعرب مئات الروهنغيا في المخيمات مرارً وتكرارا عن مخاوفها.
وتبعد “بهاشان تشار” نحو ساعتين بالمركب من أقرب مكان مأهول على البر الرئيسي، آي أنها ستكون على معزل تام، كما أنها عرضة للفيضانات والأعاصير الشديدة، كما تظل المخاوف قائمة بشأن مقدار حرية الحركة التي يمكن أن تحصل عليها تلك الجزيرة، بحسب “الغارديان”.
والجزيرة تغمرها المياه على نحو ثابت خلال فترة الأمطار الموسمية من يونيو وحتى سبتمبر وعندما تهدأ البحار يجوب القراصنة المياه القريبة بحثا عن صيادين لخطفهم مقابل فدى.
خلال العام الماضي ، شددت منظمات غير حكومية على الصعوبة والمخاطر الكبيرة التي تنطوي على إجلاء مئات الآلاف من الجزيرة في حال وقوع كوارث طبيعية، وقد تم تأجيل تاريخ الانتهاء من المخيمات الجديدة إلى مطلع العام المقبل، عقب الانتخابات العامة في بنغلادش في ديسمبر.
ورفض مفوض اللاجئين في بنغلادش التعليق أكثر على خطط الحكومة، فيما حذرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” مؤخرا من أن عزلة الجزيرة “ستحولها إلى مركز احتجاز”.
وقال فيل روبرتسون ، نائب مدير قسم حقوق الإنسان في “هيومن رايتس ووتش”: “إن خطة بنغلادش لتحويل جزيرة قاحلة إلى مستوطنة مزدحمة من الروهنغيا في بنايات سكنية خرسانية صارخة تثير القلق على حرية الحركة على المدى الطويل”.
ويضيف روبرتسون: “تبدو الكتل السكنية قوية، ولكن ماذا ستفعل بنغلادش حال ضرب إعصار وأغرق الجزيرة؟ فهل ستضمن دكا السماح لكل من يوافق على الانتقال إلى الجزيرة بالمغادرة والعودة بحرية؟.
وقال مبرور أحمد، أحد مسؤولي “يومن رايتس ووتش”: “إن مخيم الجزيرة كان مجرد حل آخر “غير مفيد” يتم اجبار اللاجئين الروهنغيا عليه دون استشارتهم، وإن فكرة تحويل المئات والآلاف منهم إلى جزيرة تغيرت ست مرات في السنوات الخمس عشرة الماضية، تبدو وكأنها تجربة أكثر من كونها عرضًا للمساعدة من حكومة بنغلادش”.
ولا يزال مليون لاجئ من الروهنغيا يعيشون في مخيمات في كوكس بازار ، وصل 700 ألف منهم في الأشهر الثمانية عشر الماضية، في طي النسيان بعد أن انهارت خطة لإعادة ترحيل اللاجئين إلى ميانمار قبل أسبوعين عندما لم يوافق أحد على العودة طواعية.
وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إنه في الوقت الذي ظلت فيه الأسئلة حول مدى ملاءمة “بهاشان تشار”، فقد رحبوا بأي محاولة “لتخفيض الكثافة في المستوطنات المكتظة بشدة في كوكس بازار”
This site is protected by wp-copyrightpro.com